التونسيون يختارون رئيسهم
لا ينكر اي كان، ان الديمقراطية التونسية لا زالت صامدة بقوة امام التحديات الداخلية والخارجية الكبيرة، فاليوم الاحد يتوجه التونسيون نحو صناديق الاقتراع لاختيار رئيسهم الثالث بمقاييس ما بعد الربيع التونسي.
التجربة التونسية صمدت بقوة، فقد جرت محاولات لحرفها عن مسارها من قبل الخارج المعادي لها، كما ان التجربة صمدت داخليا امام الهجمات الارهابية والاختناق الاقتصادي.
هناك عوامل متداخلة ساعدت في عبور التجربة ونجاحها، من اهمها «رشاد الحركة الاسلامية» التي تجنبت لغة المغالبة المزعومة من خصومها، ودخلت في تحالفات متحركة ساعدت في تثبيت التجربة.
الشعب التونسي يبدو متأنيا صابرا على نضوج التجربة، فرغم تأخر القطاف الاقتصادي المنشود، الا ان الجمهور لم يكفر بالتجربة ولا زال يراهن على نجاحها.
عدد المرشحين 26 شخصية، التنوع فيها مدهش، فهناك الاسلامي المعتدل واليساري الراديكالي، وهناك رئيس سابق للدولة ورئيس وزراء حالي ضمن المرشحين.
في جانب آخر، هناك من ضمن المرشحين شخصية توصف بأنها «مثلي جنسيا»، وآخر مسجون بتهم فساد وتزوير، وهناك مرشح يرى في المثلية جريمة تستحق الاعدام.
مروحة المرشحين، تنوعهم سياسيا وايدولوجيا واجتماعيا، كما ان التنوع الكبير في المسافات من النظام السابق يؤكد نضوج التجربة التونسية وقدرتها على الاستمرار.
ايضا ما يميز هذه الانتخابات هو قرار حزب النهضة الاسلامي التقدم بمرشح صريح لهم، هو الشيخ عبد الفتاح مورو، بعد ان امتنعت الحركة عن ذلك في الدورتين السابقتين.
لاقى ترشّح عبد الفتاح مورو في المجتمع السياسي والاجتماعي التونسي قبولا معقولا، وهذا يدلل ايضا على ان التجربة نضجت وان الاسلاميين تجاوزوا التصنيف الامني ليصبحوا لاعبا سياسيا وجزءا اصيلا من الجماعة الوطنية.
ايضا من المظاهر المريحة للديمقراطية التونسية تلك المناظرات العلنية المتلفزة بين المرشحين، كل ذلك اتاح للشعب التونسي الاطلاع على بعض الفروق بين من ترشحوا ليكونوا رؤساء لهم.
كلنا ننتظر كيف سيختار التونسيون رئيسهم، وعلى من سيقع خيارهم، كما اننا ننتظر نسبة توزيع تلك الخيارات، والاهم انني ارى ان التجربة التونسية تجاوزت «مرحلة الحبو»، واعتقد ان الشعب التونسي يشارك بذلك بفعالية.
السبيل - السبت 14-9-2019