سكن وظيفي في المناطق النائية
بالرغم من الحاجة الماسة للوظيفة، الا ان المئات من الراغبين والراغبات في العمل من الجامعيين والجامعيات يستنكفون عن التعيين وخاصة في وزارتي التربية والتعليم والصحة؛ لانه يتم تعيينهم في قرى ومناطق نائية لا تتوافر فيها الخدمات المطلوبة، او حتى السكن الوظيفي.
هؤلاء يعانون من ظروف صعبة، لو قبلوا بالعمل في هذه المناطق النائية ؛ لان المسؤول في عمان سيساهم ولن يسمح باية واسطة لنقلهم حتى ولو عملوا عدة سنوات، حيث نرى ان الاب في مكان وعائلته في مكان اخر.
هؤلاء الذين اضطروا للعمل في مناطق نائية، من غير المعقول ان لا يتم انصافهم وتحقيق العدالة لهم ونقلهم الى مقر سكنهم عند عائلاتهم بعد قضاء عدة سنوات في العمل، حيث تجد ابن الشمال يعمل في احدى قرى الجنوب او العكس، ولعدم توفر السكن العائلي او وجود سكن وظيفي للموظف فقط، فقد آثر وللحاجة الماسة ان يعمل في هذه المناطق النائية على امل ان يتم نقله مستقبلا الى مكان اقامته، او احدى المناطق القريبة منها.
ولان هذا الموظف المحتاج للوظيفة لا صوت له، فانه يبقى سنوات طويلة دون ان يتم انصافه، في وقت يجب ان تكون فيه اقل مدة للخدمة في المناطق النائية ثلاث سنوات كحد ادنى.
ما ذنب المعلم الذي يخدم في محافظة بعيدة عن محافظته تحت ظروف الحاجة للراتب والعمل، فيتولد في نفسه الاحباط وتنعدم الرغبة في التدريس من القلب لان ما يشغل ذهنه هو بعده عن اسرته واولاده، وانهم بحاجة اليه في كل يوم وكل ساعة.
في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي كان اهل المدينة التي يفد اليها اي معلم من الخارج يتم توفير السكن المناسب له ولعائلته، ويتنافس اصحاب البيوت على تخفيض الاجور، ويبقى موضع الحفاوة والتكريم، ويتوافد الجميع على زيارته لانه يؤدي خدمات جليلة لابنائهم، وان هذا المعلم يصر على البقاء في المدينة او القرية لان كل المواطنين يضعون انفسهم في خدمته، وان بعض الوزارات تقوم حتى الآن بتوفير السكن الوظيفي لموظفيها، في حين ان بعض الوزارات والمؤسسات احالت السكن الوظيفي الى استراحات لكبار موظفيها عندما يفدون الى العقبة على سبيل المثال في وقت يجب ان تكون فيه هذه المساكن للدولة، ولم يحتاجها للسكن الوظيفي بغض النظر ان كان معلما او طبيبا او ممرضا، او مرشدا زراعيا.
العاملون في مناطق نائية يعانون من شظف العيش ومرارة البعد عن الاهل وقسوة الحياة عليهم، فانه لا صوت لهم، وان احدا من المسؤولين لا يعيرهم ادنى اهتمام، وان المنطق يحتم بان تكون هناك عدالة، ولا يستمر اي منهم في عمله في المناطق النائية اكثر من مدة محددة، وان تكون هناك خطة متكاملة لتوفير السكن الوظيفي والعائلي في المناطق النائية لكل الوزارات والدوائر وان تكون هناك علاوة عمل لهذه الفئات.
الدستور -