مشـهــدان
المشهد الأول: الدورة الرابعة والسبعون
* بدأت أعمال الدورة الرابعة والسبعين لمنظمة الأمم المتحدة... وجمعيتها العامة وهي التي تقرر السياسات العالمية للمنظمة... وتعنى هذه الدورة بشكل رئيسي بالقضاء على الفقر ومكافحة التغيّر المناخي. مع القضايا الإقليمية التي تهّم مختلف مناطق العالم أو أقاليمه كالتنمية المستدامة والتعليم والإرهاب والاحتلال...
* وإذا ما ذكر الاحتلال، فإنه يعني بالتحديد الاحتلال الصهيوني في فلسطين، فلم يعد هناك أي بقعة في العالم، وحتى أصغر الجزر في المحيطات، تعاني من احتلال... باستثناء ذلك الاحتلال الصيهوني، ويمكن أن يذكر الاحتلال غير متبوع بصفة ما... فقد أصبح تعبيراً عن ذلك الاحتلال أيضاً.
* ومن المعلوم أن ما يصدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لا يحمل إي معنى إلزامي ... إلا أن تلك القرارات تعبّر عن ضمير المجتمع الدولي، ورفضه لاستمرار الاحتلال حتى يزول/ ويتطهر التاريخ الإنساني من هذا الرجس، وهو ما حصل أثناء سياسة التمييز العنصري في جنوب إفريقيا على سبيل المثال لا الحصر، فقد ظلت المنظمة الدولية تندد به حتى لقي حتفه...
وقد كان (الاحتلال) موضع اهتمام معظم القادة الذين نددوا به... ولعل أهم ما ورد في اتجاهات لهذه الدورة هو التأكيد على مفهوم العدالة لدى منظمة الأمم المتحدة والهيئات المنبثقة منها، وغياب العدالة في تطبيق السياسات والقرارات، وأهمية شعور المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته تجاه تطبيق تلك السياسات والقرارات المتعلقة بالاحتلال...
وكان أهم رسالة وجهت لضمير المجتمع الدولي تلك التي وصفت الاحتلال (بمأساة أخلاقية عالمية)، وهي تذكير للمجتمع الدولي (بالمسؤولية الأخلاقية) التي تمثل الجانب الإنساني في السياسة العالمية... وإذا عجز (التميز العنصري) عن قهر الشعوب، وجنوب إفريقيا مثالا، فأن (الاحتلال الصهيوني- المدعوم أمريكيا) لا يمكن له أن يمحو بالقوة تاريخ شعب فلسطين وآماله وحقوقه.
المشهد الثاني: حال الفقر
* من المفروض أن تكون خطة التنمية المستدامة العالمية(2016-2030) قد بدأت مطلع عام (2016) كما أقرّ ذلك قادة العالم (2015) مؤكدين حشد الجهود للقضاء على الفقر بجميع إشكاله بحلول عام 2030... ومع أن تلك الخطة غير ملزمة للمجتمع الدولي، إلا أنها تمثل إطاراً وطنياً للعمل على تحقيق أهدافها: بالقضاء التام على الجوع، وتوفير الصحة الجيدة للجميع، وتوفير التعليم الجيد والمياه والطاقة النظيفتيْن... الخ...
* ومما يلفت النظر، ويدعو إلى مزيد من الاهتمام، بالنسبة (لمنظمة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا) – حسب مصطلح البنك الدولي، أن تقرير البنك يشير إلى أن هذه المنظمة هي (الوحيدة) التي ارتفع فيها معدل الفقر المدقع، وأهم مقاييسه أن يعيش المرء بأقل من دولارين يومياً، وأن الزيادة في الفقر والجوع ترجع إنسانياً وفلسفياً إلى غياب أخلاق الشراكة الاجتماعية، وهي ترجمة للمفهوم الأخلاقي للديموقراطية في المجتمع، فثمة علاقة ما بين الأخلاق الاجتماعية والمنهج أو النهج السياسي للمجتمع.
* ويمكن القول أن غياب هذه المعادلة أي الأخلاق الاجتماعية والنهج السياسي الديموقراطي) في أي مجتمع، هو سبب أساسي في وجود الفقر وفي ارتفاعه المستمر. وهذا يتطلب إدراك مفهوم المواطنة، والكفاءة المدنية للمجتمع من أجل تحقيق مشاركة مجتمعية في مواجهة تزايد الفقر؛ وعلى مستوى وطني فثمة (16 ٪ من السكان) تحت خط الفقر، بالإضافة إلى (1.5 ٪) يعيشون في الفقر المدقع/ أو الشديد (بأقل من دولارين يومياً) حسب آخر إحصاء تداولته وسائل النشر المحلية، فالمسؤولية الاجتماعية والمجتمعية على المحَك أمام هذه الحالة.
الدستور -