«النهضة».. فوز هنا وخسارة هناك
تتصدر حركة النهضة الاسلامية الانتخابات البرلمانية في تونس بعد ايام قليلة على خسارتها في سباق رئاسة الجمهورية وفشل مرشحها «عبد الفتاح مورو» من تجاوز الدور الاول.
هنا، يحار المراقب، ويطرح سؤاله الملح عن شعبية النهضة في الشارع التونسي، ولماذا تقدمت في التشريعي وانهزمت في السباق الرئاسي.
في ميزان حيازة السلطات، وحسب الدستور التونسي، التشريعي اهم من الرئاسي، وصلاحيات رئيس الحكومة اكثر كثافة وشمولا من الصلاحيات الشكلية لرئيس الجمهورية.
لكن ما جرى يعتبر لافتا ويحتاج الى تدقيق، فالمنطق لا يتقبل ان تخسر في انتخابات، وبعدها بأيام تفوز بأخرى، والناخبون هم انفسهم، يعيشون ذات التوجهات والرؤية.
لكن يبدو ان شعبية النهضة لا زالت جيدة، فالشعب التونسي واع للفرق بين انتخابات الرئاسة والبرلمان، كما انه يدرك الفرق في الصلاحيات بين الموقعين.
هذا ناهيك عن كون المتصدر لسباق الرئاسة «الدكتور قيس سعيد»، شخصية مستقلة محافظة، يمكن ان تلقى قبولا عند جمهور النهضة، ولا استبعد ان ثمة انصارا للنهضة فضلوه على مرشحهم.
كلمة السر في تونس هي الشعب التونسي، او الشارع، فحين يصوت للنهضة من خلال عمليتين قريبتين زمانيا وبفارق في النسبة، فهناك رسالة اراد الشارع ايصالها للمشهد السياسي التونسي.
رسائل الشارع ببساطة: اولا، هناك رسالة بأن شعبية النهضة لم تتراجع بل ازدادت، رغم حملات التشويه، لكن الشعب يريدهم في الحكم قريبين من صناعة القرار.
الرسالة الثانية: يقول الشارع للنهضة لقد استعجلتم في تقديم مرشح للرئاسة، وكأن الشارع يقول لا نريد رئيسا من النهضة، ونريد توازنا في السلطات والعناوين، ولا يخفى علينا ان الرئيس مجرد رمز وليس حاكما.
الرسالة الثالثة: عنوانها حرص الشعب التونسي على تجربته الديمقراطية، وكأنه يذاكر في اوراق التجربة المصرية الاخيرة، فقام الشارع مقام العاقل المتوازن الذي اختار هنا وامتنع هناك.
خلاصة القول، في تونس شعب عاقل تتلاشى العاطفة من اروقته شيئا فشيئا، وهكذا الشعوب المتقدمة ديمقراطيا، فالاميركي ينتخب رئيسا جمهوري وبذات الفترة ينتخب مؤسسة تشريعية ديمقراطية.
انه الوعي التونسي الذي يفرح قلوبنا، ويسجل ايضا لجمهور النهضة، انصار الاسلاميين، انهم يدركون الابعاد بحكمة، ويعملون على فرملة تسرع القيادات، والنتيجة: تونس تتقدم.
السبيل - الثلاثاء 8-10-2019