اتفاق سوتشي يربك واشنطن
تعاظمت حالة الارتباك الامريكي في اعقاب توقيع الاعلان في سوتشي على اتفاق تركي روسي يحدد الآليات المتفق عليها، والاجراءات المتبعة لتحقيق المنطقة الآمنة التركية شمال سوريا، بما يضمن انهاء الحالة الانفصالية التي مثلتها وحدات الحماية الكردية.
الاتفاق التركي الروسي امتد ليشمل النظام السوري والاكراد والايرانيين، وبات الحديث عن الوجود الامريكي من الماضي؛ ما دفع الخارجية الامريكة الى اطلاق تصريح تؤكد فيه ان الانسحاب الامريكي من سوريا لا يشمل كامل منطقة شرق الفرات، خصوصا ان الاتفاق التركي الروسي يؤكد سيطرة قوات النظام على منابع النفط والمناطق الزراعية الحيوية في سوريا؛ الامر الذي تسعى الولايات المتحدة الى منعه من خلال التنسيق مع قوات قسد في الرقة ودير الزور والحسكة.
توافق الاكراد والنظام السوري وروسيا وتركيا على تسليم منابع النفط للنظام يزعزع الرواية الامريكية التي قدمها الرئيس ترمب ووزراة الدفاع الامريكية حول التواجد الامريكي شرق الفرات، ويزيد من معضلة بومبيو وترمب بشكل واضح؛ ففي الوقت الذي زار فيه اسبر وزير الدفاع الامريكي العراق لإعادة انتشار قواته هناك، واكدت فيه وزارة الدفاع الامريكية انها ستستكمل انسحابها خلال اسبوعين فإن رواية بومبيو تبدو ضعيفة، ولا تحمل معنى.
لم تعد المناورات السياسية والدبلوماسية بتلك الاهمية، فإدارة ترمب تتحرك في الوقت الضائع، وعملية ملء الفراغ بدأت بالفعل في سوريا.
لم يعد بالامكان العودة بعقارب الساعة الى الخلف، ولم يبق امام الولايات المتحدة الامريكية الا تقديم رسائل طمأنة لحلفائها في الاقليم؛ رسائل لا يتوقع ان تلقى صدى قويا هذه المرة، فهي كلمات على ورق بدون قوة على الارض تدعمها.
فالتقارب بين ايران ودول الخليج قائم، والوساطات بين السعودية وطهران على قدم وساق، واسبر وزير الدفاع الامريكي لم يأت الا لتعزيز الفرص التفاوضية للسعودية من خلال التأكيد ان أمريكا ستساعد السعودية في الدفاع عن نفسها، وتطوير قدراتها، فقط في اثناء زيارته قاعدة الامير سلطان الجوية يوم امس الاربعاء.
ما نشهده ارباك يصاغ على وقعه خطاب جديد للقادة والسياسيين الامريكان في المنطقة خلاصته ان «السيف اصدق إنباء من الكتب»، والمؤكد ان من يملك السيف في المنطقة لم يعد امريكا بل روسيا وتركيا وايران!
السبيل - الأربعاء 23/أكتوبر/2019