مشاريع الإسكان المطلوبة في الأردن
نشر منتدى الاستراتيجيات الأردني الشهر الماضي دراسة حول قطاع الإسكان في الأردن تبين فيها أن عدد الشقق المستأجرة في الأردن يبلغ حوالي 485 ألف شقة غير مفروشة يتراوح ايجارها الشهري ما بين 150-300 دينار. ويعتبر هذا عددا كبيرا يجب الالتفات إليه والعمل على توفير مساكن لائقة بكلف معقولة ضمن آليات غير متوافرة حاليا في السوق المحلي.
ضمن ذات الدراسة أيضا أظهرت بيانات مؤسسة الضمان الاجتماعي أن عدد الأردنيين المؤمنين يبلغ حوالي 1.14 مليون شخص تبلغ قيمة الإيجار الشهري لنحو 61 في المائة منهم ما بين 300-600 دينار. وبمقارنة سريعة وبافتراض أن عددا لا باس به من المستأجرين مشاركون في الضمان الاجتماعي ومستأجرون فهذا يعني أن هناك إمكانية لمواءمة العرض والطلب من خلال توفير وحدات اسكانية جديدة في المملكة لتلك الفئات لا سيما وأن معدل المساحات المعروضة في السوق والمقدر حاليا بـ170 مترا، لا يتلاءم وطبيعة الطلب المتنامي في السوق على الشقق والوحدات السكنية الصغيرة والتي تستفيد من اقتصاديات الحجم الكبير وتخفض من كلفة الأراضي على أسعار الشقق تحديدا في المدن الكبيرة التي تشهد طلبا متزايدا.
أحد أبرز المشاكل التي تواجه قطاع الإسكان أيضا كانت تتمثل بكلفة التمويل وارتفاعها واحيانا صعوبات في تأمين الضمانات الكافية لتأمين الحصول على القروض طويلة الاجل، من هنا حملت الحزمة التحفيزية الثانية التي أعلنتها الأسبوع الماضي بعض الأمل حينما تم الإعلان عن خط تمويلي من خلال البنك المركزي وشركة ضمان القروض الأردنية لتسهيل الحصول على القروض بأسعار فائدة معقولة تمكن نظريا عددا كبيرا من المستأجرين الحصول على قرض يمكنهم من تملك مسكن، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن العديد من الدول تميز بين حجم المساكن وفيما إذا كان المسكن هو الأول.
ويبدو ان الاطار العام بات شبه مكتمل لطرح منتج إسكاني جديد في السوق حيث تبدو عناصر النجاح متوافرة، فهناك إدراك على المستوى الرسمي بضرورة هذا الأمر، وهناك طلب متنام في السوق على فئات محددة من السكن لاسيما لفئة الشباب، وباتت هناك أداة تمويلية مقبولة يمكن أن تساهم في تسهيل عملية التملك، من هنا يجب أن يكون الاطار التشريعي والتنظيمي ملائما لتوظيف عناصر النجاح، فقطاع الإسكان كبقية القطاعات عبارة عن حلقات مكملة لبعضها البعض، ومن الصعب النجاح فيه إذا لم يتم قفل الدائرة بالكامل.
اما ابرز التعديلات التشريعية المطلوبة فتتمثل بضرورة إقرار استخدامات الأراضي في مختلف المحافظات واعداد برامج لتطوير الضواحي حول المدن الرئيسية الى تسريع إجراءات الموافقات الرسمية و توفير بيانات محدثة حول طبيعة الطلب وتوزيعه الجغرافي. وهنا لا بد من الإشارة إلى التجارب الناجحة في تسريع التملك مثل تركيا والمغرب والسعودية التي طرحت بدائل عديدة ومرنة.
إن تخصيص أراض حكومية وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص الذي يمكن ان يوفر التمويل والمعرفة الفنية سيسهم بتحقيق الأهداف المطلوبة لتوفير المساكن المطلوبة للفئات الجديدة الراغبة بـ “المسكن الأول”، وهذا من شأنه تحريك العديد من القطاعات الاقتصادية الأخرى بما يحقق هدف التحفيز وأهدافا اجتماعية عديدة ترتبط بأهمية السكن.
الغد - الاحد 24-11-2019