مقتل سليماني رسالة حرب
تعتبر عملية قتل الجنرال الايراني في العراق قاسم سليماني، رسالة حرب امريكية موجهة الى ايران بشكل مباشر،ويبدو ان ادارة ترامب تسعى من وراء ذلك الى استفزاز واستدراج القيادة الايرانية الى مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة الامريكية ارضاء للرغبة الاسرائيلية ،وذلك قبل اجراء الانتخابات الرئاسية الامريكية نهاية العام الحالي ،فقد حاولت ادارة ترامب اشعال الداخل الايراني بالفوضى الخلاقة واثارة ربيع ايراني على غرار الحريق العربي ،لكنها فشلت واستطاعت السلطات الايرانية احتواء واستيعاب الثورات المحدودة في الداخل عدة مرات ،الى جانب الحصار المشدد على ايران ،وتعتقد ادارة ترامب ان هذين الاسلوبين ،الحصار والفوضى الداخلية ،لم يفلحا حتى الان في تحقيق الهدف الامريكي المنشود في التأثير الفعال على النظام القائم في ايران.
رغم قوة وحجم الضربة وهول الصدمة التي احدثتها عملية الاغتيال ،الا ان ايران تبدو حتى الان ، متماسكة وغير متسرعة في الرد ،وكأنها امتصت الضربة واستوعبتها ،فهي تتعامل مع الادارة الامريكية عسكريا بواقعية ،حيث انها تعرف القدرات العسكرية لدى كل طرف ،وتدرك جدية التحالفات لكل طرف ايضا،وتعلم جيدا ان حلف الاطلسي لن يتردد في تقديم الدعم العسكري واللوجستي ،الى جانب دول عديدة في المنطقة ،للقوات الامريكية ،اي انها باختصار شديد تعرف مسبقا ان حربها مع الولايات المتحدة سوف تكون بشكل او بآخر حربا ايرانية عالمية ،وسوف تستفيد من التجربة العراقية في حربي الخليج الثانية والثالثة،ولن تغامر في صدام عسكري شامل نتائجه معروفة ومحسوبة مسبقا،بل على العكس ربما يكون الهدف الاساسي للقيادة الايرانية حاليا النجاة من حرب مدمرة وتفادي الوقوع فيها وخوضها ،لادراكها ان الرئيس الامريكي وحليفه نتنياهو بدفع وضغط من الاخير يستميتان لجر ايران الى هذه الحرب،ومن التجارب السابقة وخلال التوترات الامريكية الايرانية المباشرة وغير المباشرة ،تعاملت ايران بحذر شديد وبحسابات دقيقة مع الامريكان.
الرسالة الاخرى التي تحملها عملية الاغتيال ،ان الادارة الامريكية لا تفكر بالانسحاب من العراق ومغادرة هذا البلد العربي ،وتركه ساحة مفتوحة للنفوذ والتواجد الايراني المكثف ،واستغلاله اقتصاديا والسيطرة عليه سياسيا وامنيا ،بل انها تعلن وبوضوح انها باقية فيه ،ولن تسمح لاي قوة او جهة اخرى ان تنافسها هناك .
الاذرع العسكرية الايرانية في المنطقة التي قد توكل اليها مهمة الرد على اغتيال سليماني ،اقصى ما يمكن ان تقوم به التعرض لبعض المصالح الامريكية ،ولن يكون الرد بحجم عملية الاغتيال ،خاصة ان اكثر من ستين فصيل مسلح اسّسها سليماني في العراق لم تستطع توفير الحماية الامنية له وهو بين ظهرانيها ،هناك فارق كبير جدا في التقنية والتكنولوجيا العسكرية بين الجانبين ،والخيار الأسوأ والاخطر ان تجد ايران نفسها في حرب تفرضها عليها امريكا ،لا تستطيع خلالها الا ضرب حلفاء امريكا في المنطقة.
الدستور