التراكم وإنجازات الحكومة 2019
التخلص من آثار عدة سنوات حافلة بالضرائب المتواصلة وزيادة التكاليف على المواطنين والمستثمرين، والانعكاسات السلبية على مناخ الاستثمار يتطلب سياسات وبرامج حكومية عنوانها الرئيسي الانتقال بالاقتصاد من حالة الركود الى النمو بما يعود بالمنفعة على المجتمع الاردني، دون الإضرار بالخزينة والمال العام، والسيطرة على الدين العام ..وهذه الاهداف تبدو متعارضة على المدى القصير لكنها في نهاية المطاف تطلق محركات النمو الرئيسية القادرة على تحقيق النمو المستدام.
رئيس الوزراء د. عمر الرزاز في عرضه امس تقرير اعمال الحكومة لعام 2019 حمل الكثير من الإيجابيات على مستويات مختلفة الا ان الطريق لا يزال طويلا ويحتاج الى جهود موصولة تأخذ منحنى واضح الطريق والاهداف، وفي هذا السياق فإن إنجازات الحكومة بدأت قبل اربعة اشهر فقط، وهذا يشير الى مدى جدوى تركيز السياسات الحكومية للتحفيز وتشجيع الطلب في الاسواق والاقتصاد الكلي.
فالمؤشرات التي عرضها الرئيس شملت ارتفاع الصادرات 8.2 % وانخفاض المستوردات، وانخفاض العجز التجاري بنسبة 14 %، وانخفاض التضخم، وإذا ما اضفنا الى ذلك تخفيض رسوم تداول العقارات وتخفيض الكلف على المساكن للشباب والاسرة الجديدة يساهم في تسريع وتيرة الانشطة الاقتصادية خصوصا وان الاستثمار العقاري يتداخل مع عشرات القطاعات الجزئية.
المؤشرات الإيجابية كثيرة الا ان النتائج المباشرة على السواد الاعظم من الاردنيين لم تصل بعد وهذا امر طبيعي فالنتائج تحتاج الى وقت كاف، اما القرارات السريعة التي يشعر بها جمهور المستهلكين تكمن في الضريبة العامة على المبيعات إذ في حال تخفيضها تنعكس سريعا على قدرة شرائية إضافية للمواطنين، كما تسرع وتائر النشاط في الاسواق التجارية، ويضاف الى ذلك السلع والخدمات الارتكازية.
الاردن لديه مخزونات كامنة يمكن في حال الاستثمار فيها الانتقال سريعا من التباطؤ والبطالة الى الرفاه فتعداد سكان المملكة نموذجي، اما الموارد الطبيعية فهي سخية حيث تحتاج الى استثمارات في مقدمتها المخزون السياحي المتنوع والقادر على توفير المزيد من فرص العمل وتعظيم المقبوضات السياحية التي نمت بنسبة 10 % خلال عام صعب محليا واقليميا.
قوانين الاقتصاد وحتى الطبيعة تؤكد ان التراكم الكمي يفضي يقينا الى تحول نوعي، وعزوف الحكومة عن سياسات مالية ضريبية الى سياسات اقتصادية تحفيزية ستقود الى التحسين، وخلال شهر اذار / مارس المقبل سيشكل مفصلا مهما في هذا المجال، فإن التفاوض مع صندوق النقد الدولي للتوافق على برنامج تصحيح جديد خالٍ من الضرائب والتكاليف على الاقتصاد يوطد رزم التحفيز الاربعة وما يتبعها خلال الاشهر المقبلة بما يضمن السير قدما لرفع الاداء في معظم القطاعات الاقتصادية وانعكاساتها الإيجابية على المجتمع الاردني.
الدستور