أزمة غاز تلوح في الأفق!

مدير عام شركة الكهرباء الوطنية أمجد الرواشدة كشف للجنة الطاقة والثروة المعدنية في مجلس النواب يوم امس عن انقطاع في ضخ الغاز المصري الى الأردن منذ 5 أيام، الا انه لم يذكر ان حقل "ليفياثان" الخاضع لسيطرة الكيان تعرض لثمانية أعطال وانفجارات خلال الايام الـ45 الماضية؛ فأسباب الانقطاع متعددة، ولا يمكن حصرها بسبب واحد ووحيد.

فالهجمات التي تعرضت لها انابيب الغاز التي تربط مصر بدولة الكيان تتشابك مع خطوط الغاز الاردنية - المصرية، وتتأثر بأعطال وتفجيرات حقل "ليفياثان" من ناحية اخرى. ورغم ان احتمال تعرض انابيب سيناء لعمليات تخريب وارد جدًّا في ضوء الاوضاع الامنية المضطربة في سيناء، فإن تكرار الاعطال في حقل الغاز التابع للكيان يثير المزيد من الغموض والشك والمخاوف حول المسار الذي يتخذه المشهد السياسي والامني في الاقليم.

فهل تضع عمليات التخريب التي يتعرض لها انبوب العاز المصري الاردن من جديد على حافة ازمة طاقة و مديونية جديدة، ام ان الامر سحابة صيف عابرة يمكن تجاوزها في ظل تعدد الخيارات المتاحة للمملكة؟ وهل حقًّا يملك الاردن خيارات؟ وهل اتفاقية الغاز مع الكيان خيار حقيقي ام انها مجرد وهم وازمة جديدة تضاف الى الازمات المتراكمة؟ اسئلة وغيرها كثير.

فحجة الخيار الاسرائيلي تسقط اذا علمنا ان حقل "ليفياثان" الخاضع لسيطرة الكيان الذي يستورد منه الاردن الغاز تعرض لانفجار ضخم في 11 شباط/ فبراير الحالي، انفجار أكده المستوطنون (مواطنو الكيان الاسرائيلي) في منطقة الكرمل التي تبعد عن الحقل بمقدار عشرة كيلومترات. ورغم نفي شركة نوبل إنيرجي، فإن وزارة الطاقة الإسرائيلية قالت بأنها تحقق في ملابسات الخلل الفني الذي يعد الثامن خلال شهر ونصف الشهر. وهو تصريح زاد الامر تعقيدًا وغموضًا.

فالأمر لا يتعلق فقط بانقطاع الغاز المصري، والاضطرابات الامنية في سيناء؛ فإما أن البحر المتوسط يعاني من الاضطراب السياسي والامني، او ان شركة نوبل إنيرجي غير كفؤة لدرجة تعرضها لـ8 أعطال فنية غامضة في غضون شهر ونصف الشهر فقط!

نعم، من الممكن ان تكون أعطالًا فنية، ومن الممكن ان تكون عمليات كوماندوز لهذا البلد او تلك، او لذلك التنظيم او غيره؛ فالامر لا يعد مهمًّا بالنسبة للاردنيين، سواء كان خللًا فنيًّا أم عملية كوماندوز ايرانية او تركية او روسية او حتى المقاومة الفلسطينية! والله أعلم. فما يعني الاردنيين هو إنهاء الاتفاق الذي يعد عبئًا ماليًّا وتطبيعًا وتمويلًا للاحتلال.

الأهم من ذلك، ومن منظور واقعي وعقلاني، أنه توريط للبلاد في صراع اقليمي ودولي كبير في "شرق المتوسط"! تشترك فيه روسيا وتركيا وأمريكا واليونان وقبرص ومصر وفرنسا وألمانيا أيضًا. صراعٌ لا ناقة للأردنيين فيه، ولا جمل! فما يعني الاردنيين هو حل مشكلة الطاقة والمديونية، والابتعاد عن الاحتلال، والصراعات الدولية والإقليمية.

ما حدث ويحدث في سيناء، وفي  حقول الغاز المسيطر عليها من قبل الكيان، تدفع الى مراجعة قوية وعميقة لاحتمالات تدهور الاوضاع في "المتوسط"؛ نتيجة اتساع دائرة الصراع على الغاز، او كنتيجة لانفجار المواجهة مع المقاومة في قطاع غزة.

فتهديدات قادة الكيان الاخيرة لقطاع غزة "برد ساحق، وغير عادي" لا يعقل أنها مرتبطة فقط بالبالونات المتفجرة التي تنطلق من القطاع؛ لأن التهديد اكبر من ذلك بكثير! خصوصًا أنه جاء بعد ادعاء بحرية الكيان الاسرائيلي استيلاءها على شحنة كبيرة من الاسلحة والمعدات المخصصة لقوات الضفادع البشرية والقوات البحرية في قطاع غزة.

ختامًا: أعطال او انفجارات حقل "ليفياثان" فرصة ثمينة لمراجعة الاتفاق، والتخلص منه، وهو ما يهم الاردنيين للابتعاد عن الكوارث الاقتصادية والسياسية والامنية، يقابله ضرورة تجديد العقد مع باخرة الغاز المسال قبالة ميناء العقبة والتي جاءت من منحة كويتية، علمًا بأن استئجار الباخرة ينتهي في عام 2025، وبكلفة سنوية 55 مليون دولار، ويمكن اعادة استثمارها في تطوير ميناء للغاز، وهو ما ناقشه الرواشدة، وأمين عام وزارة الطاقة والثروة المعدنية أماني العزام مع لجنة الطاقة الاردنية في مجلس النواب. 

السبيل