صفقة ترامب: البعد السياسي
*يمكن القول أن صفقة ترامب جديرة بأن تظل موضع نقاش ومتابعة جادة بمختلف الوسائل الإعلامية والدبلوماسية والسياسية، لئلا تعبر الزمن وتصبح خطة تنفيذية على أرض الواقع... فهي تعتبر تجاوباً أو امتداداً (لإعلان بلفور) في مراميها بعيدة المدى، فهي أبعد ما تكون عن (صفقة قرن) ويمكن اعتبارها (أعلاناً صهيو- أمريكي) يهدف إلى استكمال ما تبقى من (إعلان بلفور) في استلاب فلسطين من النهر إلى البحر وتحقيق (قومية الدولة العبرية) المعلنة. ومما يلاحظ على المستوى العربي والإسلامي، أن ثمة ركوداً في التعامل مع (الصفقة) بالاكتفاء بقرارات النظام العربي الرسمي، متمثلاً بجامعة الدول العربية وبقرارات التجمع الإسلامي، متمثلاً برابطة التعاون الإسلامي، وباستثناء النشاط الإعلامي والسياسي الشعبي في كل من فلسطين والأردن، باعتبارهما أصحاب القضية والمتأثرين بهما، فإن الساحة العربية تكاد تخلو من النشاط المأمول برفض هذه الصفقة، والتعريف بأخطارها الآنية والمستقبلية، ولهذا، تأتي هذه المقالة الرابعة حول أبعاد هذه الصفقة وأخطارها.
* وفي المقالة الأولى، اتضحت المتناقضات الأمريكية في إعلان الصفقة والتخلي عن أي التزامات أمريكية سابقة تجاه (النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني) القائم على الشرعية الدولية والمتمثلة (بحل الدولتيْن) بتفاصيله وشروطه، وفي المقالة الثانية، تبيّن الرفض الإعلامي للصفقة على المستوى العالمي والإقليمي والعربي؛ أما المقالة الثالثة فكانت أشبه بردِّ غير مباشر على التصريحات التي صدرت عن دراسة الايجابيات في الصفقة والبناء عليها، واتضح أنها لا تحمل أي ايجابيات نحو الحل وفق القرارات الدولية.
* وتهدف هذه المقالة الرابعة إلى التعريف بالآراء والمواقف السياسية الرسمية، على مستوى المنظمات الدولية والإقليمية والقطرية:
- فالأمين العام للأمم المتحدة أعلن عن استعداد المنظمة الدولية لمساعدة طرفيْ النزاع على التوصل إلى سلام قائم على قرارات المنظمة والقانون الدولي والاتفاقات الثنائية للتوصل إلى تطبيق (حل الدولتيْن) والمعروف باعتماد حدود الرابع من حزيران (1967) للدول الفلسطينية وعاصمتها القدس المحتلة.
- أما الاتحاد الأوروبي، على قلة حيلته، فقد اعتبر (خطة ترامب) بأنها تبتعد عن المعايير المتفق عليها دولياً... وأكد الناطق باسم الاتحاد الأوروبي التزام الاتحاد بحل تفاوضي يقوم على تعايش دولتين جنباً إلى جنب في أمنٍ وسلام واعتراف متبادل.
- أما روسيا، فقد تجاهلت الخطة، ودعت طرفي النزاع للدخول في تفاوض جاد للتوصل إلى تسوية مقبولة للطرفين.
ويتضح بذلك أن أطراف اللجنة الرباعية، باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية، تدعو وتتمسك بالحل وفق المعايير والقرارات الدولية.
-أما طرفا النزاع، فمن البدهي أن ترحب إسرائيل بالخطة، وما قدمته الخطة لها، وأنه يفوق تطلعاتها المرحلية، ومن البدهي أيضاً أن ترفضهما السلطة الوطنية الفلسطينية، مؤكدة أنها (لن تمرّ) وأن (القدس ليست للبيع، كما أن الشعب الفلسطيني سيرفضها).
*وثمة أصوات أمريكية، ذات وزن سياسي عبرت عن موقفها تجاه خطة ترامب:
- فالرئيس كارتر أكد أن الخطة تنتهك القانون الدولي، وحثّ (الأمم المتحدة) على منع (الكيان الصهيوني) من ضمّ أي أراضٍ فلسطينية محتلة.
- وجاء تصريح (مارتن انديك)- المبعوث السابق الأمريكي للسلام، مؤكداً أن إعلان الخطة في هذا الوقت دليل على أنها ليست خطة للسلام، بل هي (لعبة هزيلة من بدايتها إلى نهايتها).
-وشاركه المفاوض الأمريكي السابق (أرون) بأن الخطة جاءت ميتة وفاشلة لا محالة... وأساء ترامب تقدير أهمية الطرف الفلسطيني في المعادلة.
الدستور