آليات أخرى للتوزيع
كما توقع عديدون، لم تنجح آلية توزيع الخبز لبيوت الناس بشكل مركزي عن طريق حافلات البلديات. كثيرون توجسوا من هذه العملية اللوجستية الضخمة والمعقدة من دون إشراك القطاع الخاص، وصح تخوفهم ولم تنجح الآلية. كان هناك نجاحات وانتظام في بعض الأجزاء والمناطق، ولكن الهدف الأساسي من توزيع الخبز مع الإبقاء على الحظر ومنع الاختلاط بين الناس منعا لتفشي الفيروس لم يتحقق. بالمقابل نجحت الصيدليات باتباع أسلوب التوصيل عن بعد، ولم يكن هناك أي خروقات. بادرت السلطات الرسمية بتعديل الآلية فورا وذلك بالسماح للدكاكين والبقالات في الأحياء بالبيع مباشرة للناس، ولاحقا للمحلات الكبرى للبيع من خلال نظام التوصيل أو الديليفري.
لنجاح الآلية الجديدة شرطان أساسيان يقع إحقاقهما على عاتق المواطنين والباعة، فلا يعقل أن يقف رجل أمن أو جيش عند كل مركز للبيع. الشرط الأول الالتزام بإبقاء مسافة أمان بين المواطنين أمام محلات البيع وهذا واجب الباعة والمواطنين على حد سواء. على كل صاحب دكان أن يفرض تنظيم ذلك، وأن يوظف من ينظم الدور ويبقي على مسافات التباعد، وعلى المواطنين أن يكونوا هم ذاتهم شرطة على ذلك، ينظمون أنفسهم ويردعون من يخرق ذلك. أما الشرط الثاني فهو ضرورة فحص من سيقومون بعمليات التوصيل للبيوت، وأن يحملوا (باجات) على صدورهم؛ أنه تم فحصهم وهم مخولون صحيا بالبيع والتوصيل للبيوت، بالإضافة إلى ارتدائهم الكمامات والقفازات الطبية العازلة. يجب فورا البدء بفحص هؤلاء والتأكد من أهليتهم الصحية للذهاب للبيوت وتوصيل الأغراض للمواطنين. لا ضير أيضاً من تخصيص ساعات محددة للفئات العمرية التي يسمح لها بالخروج منعا للتزاحم. كالقول مثلا إن من هم بين عمر 50 و 60 عاما مسموح لهم بالتسوق بين الساعة 12 والساعة 2، وهكذا.
لن تستطيع السلطات الرسمية فرض ذلك، ولكنها بتحديده تساعد المواطنين الملتزمين، وهم الأغلبية، على تنظيم أنفسهم والابتعاد عن التزاحم وانتقال العدوى إن وجدت.
نحن نمر بظروف غير مسبوقة، لذلك فمن الطبيعي أن تحدث بعض الإخفاقات والتجاوزات وصبرنا عليها واجب وطني. المهم الإبقاء على الروحية الإيجابية في التعامل مع هذا التحدي الوطني، والاستمرار بالابتعاد عن التصيد والبحث عن عثرات، وهذا بالفعل ما يمارسه الإعلام بطريقة مهنية وطنية محترمة جدا ويسجل له ذلك. عشرات العثرات والتضارب بالتصريحات لعديد من المسؤولين كان يمكن اقتناصها، ولكن الإعلام ترفع ونأى بنفسه عن ذلك لعدة أسباب، أولها أن هذا تحد وطني يتطلب من الجميع التكاتف والتعاضد لمواجهته، وثانيا أن الملك والجيش والأجهزة جزء من عملية المواجهة الوطنية لهذا التحدي، ولهؤلاء كمّ هائل من الاحترام بنفوس الأردنيين. إنها بالفعل معركة وعي يجب على الجميع التشارك والمساهمة بها حتى لو كان ذلك على مستوى الطلب من مواطن آخر الانتظام بالدور أمام بقالة.
الغد