احذروا: مزادات في سوق «كورونا»...!
لكل أزمة «تجار» يتفننون في عرض منتجاتهم وتسويق خبراتهم، وأسواق تشهر عن نفسها «لابتلاع» الزبائن واصطيادهم، فمنذ أن خرجت «عفاريت» كورونا من قمقمها نشأت طبقات من هؤلاء التجار الذين وجدوا فيما حدث مواسم مناسبة لعرض بضائعهم، أو تسجيل ما يلزم من بطولات، ليس في مجال «البقالات» والمولات فقط وإنما في مجال السياسة والإعلام والدين أيضا.
وظيفة الحكومة هنا أن «تكسر» خطوط وسلاسل هذه التجارة، وان تمسك بزمام المبادرة لوحدها، وهذا يحتاج الى تشكيل «مرجعية» واحدة تتحدث باسمها، والى كشف كل من يتسلق على جبال «كورونا» لممارسة مهاراته وهوياته، فالأزمة التي نواجهها ليست مجرد «سيرك» لأداء العروض البهلوانية، ولا مختبرا لتجريب الخلطات الكيميائية ولا مهرجانا لإشهار أسماء الفائزين والمحظوظين.
لدينا صورة مشرقة جسدتها حالة التعاون والتلاحم بين الحكومة والمجتمع، ولدينا وزراء قاموا بواجبهم على أكمل وجه، ولدينا أداء حضاري في التعامل مع الأزمة منذ بدايتها وحتى الآن، لكن ثمة صورة أخرى جرى تضخيم جزء منها لتشويه صورة مجتمعنا، كما جرى في الجزء الثاني «تسلل» بعض المعنيين على جدرانها دون ان يمتلكوا الكفاءة والقدرة على مخاطبة الجمهور وإقناعه، وحتى على إدارة الملف بشكل صحيح. المطلوب الآن ان نغلق كل هذه المجالات التي دخلت علينا منها «فيروسات» الارتباك واستغلال الحدث، لاستعادة الصورة المشرقة وإدامتها .
نحن نسير حتى الآن على سكة السلامة، ما يجب أن ننتبه إليه ونتحوط منه هو عدم السماح لبروز «ميليشيات» سياسية أو إعلامية تتحدث باسم «كورونا» أو تستثمر فيه لإقناعنا بأنها تواجهه، أو لانتداب نفسها للتعبير عن مصالحنا بالنيابة عن الحكومة والمجتمع ، لا اقصد فقط الذين قد يستغلون « الأزمة « برفع الأسعار في الأسواق أو احتكار السلع ، وإنما الذين يستغلون « خوفنا « لتخويفنا وترويعنا ، والذين يستغلون « صبرنا « لاستفزازنا، والذين يستغلون « صمتنا « لابتزاز المسؤولين وإرباكهم، والذين يريدون أن يستعرضوا « بطولاتهم « لتسجيل ما يلزم من رضا أو ثقة أو مكاسب عابرة .
لدينا رئيس حكومة نعتز ونثق به ويحظى بقبول الناس واحترامهم، ولدينا وزير إعلام مهني وجاد يتقن مهمته الإعلامية، وهو مصدر ثقة أيضا، ولدينا وزير صحة اثبت انه جدير بموقعه، كما أن لدينا وسائل إعلام رسمية وشبه رسمية تقوم بواجبها على أكمل وجه.. فلماذا نفتح الباب لغيرهم من الذين لا يجيدون مخاطبة الناس أو من الذين تسببوا في إرباك الناس بالدخول على خط الأزمة وإعاقة إدارتها .
بصراحة، كورونا سيظل يطاردنا لأسابيع او – ربما - لشهور قادمة، وإجراءات الحكومة وتعامل المجتمع معها ما يزالان في الإطار الصحيح، ومن واجبنا أن نحذر من بروز أي «تجار» جدد يحرفون مسار هذا التوافق، أي يشوهون هذه الصورة المشرقة، بغض النظر عن المجالات التي خرجوا منها، فمصلحة بلدنا العليا في هذا الوقت أهم من المصالح الشخصية ،أو من «المكاسب» التي ينصب البعض شباكهم لاصطيادها في أسواق كورونا المزدحمة بالمزادات.
الدستور