استغلال تجاري في أزمة كورونا
نفخر بأن جُلّ الأردنيين في خندق الوطن وخلف قيادتهم الهاشمية دوماً وإبّان أزمة كورونا؛ حيث النجاحات التي تحققت في معركة كورونا قلّ نظيرها وعززت الثقة بين الدولة والمواطن؛ ووضعت الأردن في مصاف دول عظمى والدول الإسكندنافية ومن أوائل دول العالم التي تعاملت مع فايروس كورونا بنجاح على كل الأصعدة؛ كيف لا وشعار الهاشميين الإنسان أغلى ما نملك؛ وعلى قدر أهل العزم؛ واحترام الإنسان وكرامته والمحافظة على صحته وسلامته؛ ودليل ذلك أننا تاجرنا بالمواطن وحياته أكثر من اقتصادنا لا بل ضحّيتا بالاقتصاد في سبيل المواطن وسلامته؛ ولهذا قناعة الأردنيين كانت بالانحياز للوطن؛ ورغم كل الجوانب المشرقة ما زلنا نرى القلة القليلة تغرّد خارج السرب ويختاروا المتاجرة بالوطن ومقدّراته واستغلال قوت المواطن؛ بالرغم من صرامة قانون الدفاع ومتابعة الأجهزة الرسمية الحثيثة لهم.
معظم أصحاب المتاجر في وطني الأردن عندهم إحساس مع المواطن ويشعرون به ولا يستغلونه؛ والدليل تصريحات وزارة الصناعة والتجارة أن أكثر من تسعين بالمائة من التجار لم يسجلوا أي مخالفات؛ بيد أن هنالك نسبة من البقية يشكّلون فايروس التجّار الخبيث الذي يبتز المواطن ويرفع الأسعار بجنون عليه بالرغم من وضع السقوف السعرية وهذا يشكّل اعتداء سافراً بحق المواطن والوطن؛ وتُجّار الأزمات لا يرقبون في الله إلّاً ولا ذمّة؛ فهمّهم وشغلهم الشاغل الربح الفاحش واستغلال الظروف لتحقيق الأرباح الخيالية على حساب الفقراء والزبائن لتعبئة جيوبهم وبطونهم الجرباء؛ فهم فعلاً تُجّار أزمات وتجّار أوطان وركّاب أمواج للوصول للأرباح الخيالية وغير المعتدلة.
تُجّار الأزمات لا يشعرون مع الوطن ولا مع المواطن، ولا يخافون الله ولا القوانين؛ فمحاولاتهم للغش في كل شيء مستمرة؛ واستغلالهم للظروف على قدم وساق لرفع الأسعار والاحتكار على السواء؛ وهم بذلك يخالفون مبادئ المواطنة ويتاجرون بالوطن وقواه البشرية؛ وتُجّار الأزمات ومنها أزمة كورونا متصيدون في الماء العكر؛ وظنّوا أن أموالهم ستحميهم من الوباء؛ لكنهم لم يعرفوا بأن سواعد الأبطال من أبناء القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والمنفذون لقانون الدفاع هم حماة هؤلاء من انتشار الفايروس؛ ولم يتطلعوا إلى التجربة الإيطالية ويتّعظوا منها؛ فقد رموا الدراهم واليورو في الشوارع لأنها لم تحميهم من كورونا.
نتطلّع لنعرض نماذج إيجابية من التجار الذين يقدّمون البضائع للمحتاجين مجاناً ويرسلون طرود الخير للثكالى والأيتام والأرامل دون مِنّة أو شوفيّة؛ هؤلاء النموذج الإيجابي من التجار ممن يملكون روحية العطاء كجزء من مواطنتهم الصالحة هم الذين نرفع رؤوسنا بهم ونحترمهم ونجلهم ونكبر فيهم هذه الروحية الراقية؛ ونتطلّع للتجار جميعاً للتبرع ودعم صندوق ‹أهل الهمة› الذي أطلقته الحكومة لغايات دعم مكافحة كورونا وجعله صندوقاً دوّاراً لمأسسة عمله ليكون نموذجاً في البذل والعطاء وليستخدم في أي أزمة أو تحدّي في قادم الأيام لا سمح الله تعالى؛ ونتطلّع إلى أن يُغلّب التجار جميعهم الوطن على كل المصالح الضيقة؛ فلا يتطلعون للربح السريع أو الفاحش بقدر ما يتطلعون إلى خدمة المواطن والمساهمة في بناء الوطن؛ وهذا يجعل منهم مواطنون صالحون في خندق وطنهم ويضطلعون بمسؤولياتهم المجتمعية خير قيام.
وأخيراً؛ تُجّار الأزمات ليسوا من لوننا ولا ملّتنا؛ فهم أعداء الوطن لأن من لا تظهر مواطنته ووطنيته في الأزمات والشدّة فلن تظهر في الرخاء والازدهار؛ ومن يبيع الوطن بدراهم معدودة هو فعلاً تاجر وطن وعزّيف أوتار ومجرم حرب ولا يخاف الله ولا الوطن؛ ولذلك نحن مع منفذي قانون الدفاع من أجهزتنا الرسمية لمحاسبتهم وأخذ جزاءهم؛ حفظ الله الوطن والملك حفظه الله والأجهزة الأمنية والجيش والشعب.
*وزير الأشغال العامة والإسكان الأسبق- رئيس جامعة جدارا
الدستور