على كل حال هناك يوم قيامة!
على ألف قدم وألف ساق، وفي سباق محموم، يحاول العلماء من غير ملّتنا، منذ بداية هذه السنة التعيسة تجاوز الزمن للوصول إلى لقاح لعلاج كورونا. هناك نبأ في كلّ ساعة، في قارة مختلفة، عن قرب الوصول للقاح الموعود. يخرج الرئيس الأميركي إلى حديقة البيت الأبيض كل صباح مع فرق التوقيت، ليؤكد أنّ المطلوب فقط صبر ساعة، ومن بلد المنشأ، يذكّر الرئيس الصيني بأنّ الله مع الصابرين، فيما ترى المستشارة الألمانية الطيّبة أن الأمور هانت، وصارت على بُعد قضم جزرة.
كلما جاء نبأ سعيد في نشرة الظهيرة، ينفيه موجز الرابعة والنصف، ويمحوه ما وراء الخبر. وكلما خرجت دراسة غير معتمدة من جامعة عين شمس، تؤكد أن الفيروس في حكم المنتهي، تدعو دراسة أخرى لم تمرّ على هيئة التدريس في جامعة بيروت العربية إلى التروّي، لأنّ أي لقاح لن يجدي مع السلالة الجديدة.. ثمّ يخرج الرجل الأثيوبي من جنيف، عاقد الحاجبين، ليردّد ما غناه العندليب الأسمر “مسدودٌ، مسدودْ”، ويحذر بالسبابة المستقيمة أن كورونا قد لا ينتهي أبداً.. ناسياً أو متناسياً أن هناك يوم قيامة!
يا علماء العالم غير المتحدين.. لقد تأخرتم، وهذا يعني أنكم قد فشلتم. لماذا لا تعترفون بذلك، وتتواضعون بالنزول إلى حيّ الحسين في القاهرة، لتجرّبوا خلطات الطبّ البديل في سوق العطارة. هناك قد تجدون ضالتكم في حبة البركة السوداء، وفوائدها التي لا تقتصر على علاج السرطان، أو الجعدة لطرد الغازات والفيروسات العنيدة، حتى خلطة البهارات البحرينية النفاذة يمكنها المساهمة في دحر الوباء، ولا تنسوا الوصفة الفلسطينية التي تصلح لعلاج البواسير وقصور القلب: ركوة ميرمية مع حبّات قليلة من الشاي الأسود.
هل فكرتم، يا علماء العالم غير المتحدين، في الاستعانة بتجربة الشيخ سميح بالطبابة وعلاج الصرَع، أو وصفات الحلاق الشاميّ لألم الشقيقة ودوالي الرحم، بالطبع لم تسمعوا عن الدكتور حامل الدبلوم في اللسانيات، الذي يعالج كل مشاكل الفم والأسنان بخمس قطع من فصيلة الزردية. لم تخرجوا يا أطباء العالم من الصندوق الضيق لتشاهدوا حركة الطبّ في وسط البلد، أيّ وسط بلد عربي، حيث تزدهر لافتات العلاج من خمسين مرضاً بالإبر الصينية.. مع ضرورة اختيار الموضع الصحيح.
أسمع تصريحاً حاسماً للرئيس الأميركي بشَعره الطريف، فأشعر بتفاؤل غريب ولا مبرّر له، حين يقول إنّ كورونا سيختفي ويتلاشى من دون لقاح.. “لكنّ اللقاح لطيف ولن يضرّ”. يضيف الرئيس. وما بين النشرة والموجز أتشاءم و”أتشاءل” حتى يظهر أمامي مشهد في فيلم مصري، حيث يصاب ثلاثة رجال أشقياء بالإيدز بسمعته السيئة، بعد حب سريع مع شقراوات مستوردات في طابا. يفزعون في عدة مشاهد متوترة، حتى يهوّن أحدهم الأمر، ويخبرهم أن عليهم الاختفاء فترة حدّدها من أسبوعين إلى ثلاثة، حتى إيجاد علاج للفيروس.. وكان هذا في أوائل التسعينيات!
الغد