كيف يمكن إنقاذ لبنان... اقتصاديًا ؟!
المشكلة في الإجابة عن هذا السؤال، أنه لا يمكن الحديث عن «الاقتصاد» في لبنان تحديدًا بعيدًا عن السياسة، ورغم ارتباط الاقتصاد بالسياسة عالميًا بل وتقدم القرار الاقتصادي على السياسي في عصر ما بعد الحرب الباردة، إلا أن المشهد في لبنان أكثر تعقيدًا.. فالاقتصاد اللبناني ومنذ سنوات سبقت «مرحلة كورونا» كان في حالة يرثى لها، أدّت لخروج الناس ( من جميع الطوائف ) إلى الشارع، لأن الهمّ المعيشي وحّد جميع فئات « الشعب «، لتأتي الجائحة وتحجر اللبنانيين في منازلهم، ولتزيد كورونا من تهاوي الاقتصاد اللبناني، ولتكون الصرخات هذه المرّة - في زمن كورونا - دون بوارق أمل في الأفق مع مزيد من الانقسامات الداخلية، وتخلي المجتمع العربي والدولي عن مساعدة لبنان اقتصاديًا، وفشل المباحثات مع صندوق النقد الدولي، ليلخّص المشهد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان بتصريحاته منذ أيام وتحذيراته من «خطر انهيار» لبنان، قائلاً : «أسمح لنفسي أن أقول لأصدقائنا اللبنانيين: نحن حقاً مستعدّون لمساعدتكم، لكن ساعدونا على مساعدتكم»!!
هذا هو المشهد وهذه هي الخلاصة.. الدول العربية بين منشغل بنفسه سواء بأزمات سياسية أو اقتصادية وغيرها من الخليج الى المحيط، وبين من لم يعد تعنيه لبنان بتفاصيلها الداخلية والإقليمية، ودول عالمية بين من له اشتراطات سياسية في الدعم الاقتصادي، وبين من لم تعد له مصلحة، أو لا يدري من يدعم ومن يساعد؟؟.. ومن يمثّل من؟
كدول عربية من المخجل أن نترك لبنان يتهاوى أمام أعيننا، بغضّ النظر عن كل ما يقال، فالشعب اللبناني لا يستحق منا ذلك، رغم أن حال العرب لا يسرّ صديقًا، إلا أن الدعم « المعنوي « والوقوف الى جانب الشعب اللبناني ربما يكون في هذا الوقت « أضعف الايمان «، وبما يساعد أبناء لبنان على الصمود وتضميد الجراح، وتغليب مصلحة لبنان الداخلية وشعبه على التبعيات الخارجية، من أجل التخفيف من المعاناة المتفاقمة جرّاء أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخ لبنان الحديث، الى درجة أن الخسائر الاقتصادية وفقا لتقديرات حكومية بلغت نحو 241 ألف مليار ليرة، ووصل تهاوي الليرة اللبنانية الى نحو 10 آلاف ليرة مقابل الدولار، والأمر مرجح لمزيد من الانهيار، وتراجع احتياطي الدولار والعملات الصعبة لاستيراد مواد حيوية مدعومة كالقمح والأدوية والوقود، هذا عدا البطالة التي وصلت حد 50 % !!
في مواجهة الانهيار الاقتصادي جراء كورونا وقفت أوروبا صفًا واحدًا للحيلولة دون انهيار دولها، وضغطت ألمانيا وفرنسا بكل ثقلهما لوضع خطة إنقاذ للاقتصاد الأوروبي ونجحتا في ذلك.. فأين العرب من خطة إنقاذ اقتصادي؟ حتى لا نترك لبنان ولا غيرها أمام خيارين: إما الانهيار، أو الانصياع لمزيد من الضغوطات الخارجية والانقسامات الداخلية، التي سيدفع ثمنها الشعب اللبناني... والعرب أدركوا ذلك أم لم يدركوا؟!
الدستور