الوزارة بين الصناعة والتجارة
وزيرة الصناعة والتجارة في حكومة الخصاونة ليست بالجديدة على المشهد العام للوزارة او على القطاع الخاص، فالوزيرة مها العلي ابنة الوزارة وعاشت تفاصيل وتطورات المشهد الاقتصاديّ من خلال مناصب عديدة، وأشرفت على الكثير من المراحل بحكم المسؤوليات التي عملت بها واخرها وزيرة للصناعة في حكومة النسور .
في سنوات الغياب الخمس للوزيرة العلي عن المشهد العام حدثت تطورات مهمة تستحق المتابعة والتقييم، فبعضها كان إيجابيا وآخر سلبيّا.
فالقطاع الصناعيّ في فترة غياب الوزيرة “القديمة الجديدة” توحدت مرجعيته لأول مرّة منذ سنوات عديدة، وباتت غرفة صناعة الأردن المرجعية القانونية والمؤسسية الوحيدة في التعامل مع الحكومة بكل مستوياتها، وباتت الجمعيات والمؤسسات الصناعيّة العديدة التي كانت في السابق تتصدر المشهد في السابق اليوم في حضن الغرفة الام، وانتهت فترة التجاوزات والتطاول والبعثرة في الجسم الصناعيّ الذي بات لديه رئيس واحد وغرفة واحدة وخطاب موحد.
وهذا ظهرت إيجابياته في أزمة كورونا بوضوح، فغرفة الصناعة تصدرت القطاع الخاص في الخطاب الحكوميّ لتنفيذ التوجيهات الملكية في دعم القطاع الصناعيّ الذي اثبت خلال الجائحة ان دعمه يجب ان يكون الأولوية في السياسة الاقتصاديّة للدولة، فقد قادت غرفة صناعة الاردن وبالتنسيق مع باقي اعضاء الجسم الصناعيّ حركة التشغيل والتصدير وتأمين البلاد بكل احتياجاتها من السلع الأساسية والدوائيّة والطبية باقتدار عال وبكلف معقولة، اثبتت خلال الأزمة حسها الوطنيّ في تحمّل المسؤولية تجاه تداعيات أزمة كورونا التي كادت ان تؤدي لانقطاع الكثير من السلع لولا التعاون الوثيق بين الوزارة والغرفة وتبنيهم لنهج واضح في تعزيز حضور الصناعة في الاقتصاد الوطنيّ، والبحث المستمر في إزالة العقبات والاختلالات التي تقف أمام الصناعات الوطنيّة، مما يتطلب من الوزيرة العلي مواصلة دعم القطاع والتعاون لتعزيز حضوره لدى المستهلك الأردنيّ والخارجي من خلال إعادة النظر في الاتفاقيات التجارية الخارجيّة وتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل وتخفيض كُلّف الإنتاج الداخليّ للقطاع الصناعيّ بكل أشكالها، فلا تنمية دون نموّ القطاع الصناعيّ، وهذا يتطلب من الوزيرة تحويل الشراكة الراهنة اليوم إلى خريطة عمل تنفيذيّة وبسرعة لتحقيق الإنجاز المطلوب.
أما على صعيد التجارة، فان واقع غرفها مؤلم بعد التبعثر والتعدد في المرجعيات، وغياب شبه كامل في الاتصال مع الحكومة خلال الفترة الماضية بسبب عدم وجود خطة عمل واضحة ومطالب محددة، إضافة للتنازع والخلافات التي ظهرت للعلن بين اعضائها وتحولهم إلى ظاهرة صوتية فقط عبر التغريدات على صفحات التواصل الاجتماعيّ والتنمر على الاجراءات الحكوميّة المختلفة فقط، مما جعل غالبية القطاع التجاريّ في غياب كامل او قريب منه عن إدارة المشهد العام خاصة أصحاب الشركات والمحلات الصغيرة والمتوسطة الذين لم يجدوا اي سند لهم نتيجة وقوف الكثير من المسيطرين على بعض الغرف في احضان المحلات والمولات التجاريّة الكبيرة بسبب ارتباطاتهم الوظيفية معهم .
هنا يتطلب من الوزيرة العلي إحداث التغيير الإيجابيّ في هيكل غرف التجارة من خلال حل الغرف التجارية وتعديل القانون الذي للأسف يسمح بتسلل اي جهة ومهما كان دورها لأن تكون في هيئة الهرم للقطاع التجاري حتى ولو لم يكن لديها اي نشاط تجاري، وإعادة الاعتبار للجسم التجاري والتمثيل الحقيقي للقطاعات وقطع الطريق على ” المتسللين ” من خارج رحم التجارة.
اصلاح القطاع الخاص خاصة التجاري منه، ودعم القطاع الصناعيّ تنفيذاً للتوجيهات الملكية الأخيرة هي أولويات إصلاحية يجب ان تكون على أجندة وزارة الصناعة التجارة، وبهذا ستتحقق الشراكة الفعلية بين القطاع الخاص والعام على أسس صحيحة ورشيدة تخدم الاقتصاد الوطنيّ.
الغد