العرب بين خسارة ترامب وفوز بايدن
إذن ، فاز بايدن بالانتخابات التي راقبها العالم على مدار ايام من التحسب والتمني وأحيانا الخوف ، بعد اربع سنوات صعبة من حكم رئيس قلب الطاولة وأذكى العداوة والبغضاء في صفوف شعبه وفي العالم ، وظل ، ولا يزال ربما إلى بعض الوقت ، يرفض الاعتراف بأنه أخفق في الانتخابات وتمت هزيمته .
إلأ أنه رب ضارة نافعة ، فالرئيس دونالد ترامب ، كان نعمة على الشعوب المضطهدة في العالم ، ولعل كثيرين سيعتبرون هذا القول غريبا وصادما ومتناقضا ، غير أن ما كشفته رئاسة هذا الشخص لأعظم دولة في التاريخ كانت " الفارقة " التي وضعت هذه الشعوب وجها لوجه لأول مرة ، ومنهم العرب بالطبع ، أمام زيف واقعهم ،وهشاشة كينوناتهم ، وتبعية اغلب نظمهم ، بما في ذلك هذا النظام العالمي الذي عاث في الأرض فسادا وحصر الغنائم قرنا من الزمان ونيف بالخمس الكبار ، إلى أن أزفت الآزفة في الاعوام الأخيرة على هيئة أقطاب "دراكولية" جديدة بدأت تزاحم هؤلاء الخمسة ، كما وفضحت رئاسة ترامب استبداد هذا النظام ومدى الظلم والقهر والدموع الذي تخلفه هذه " الدول العظمى " في قلوب وعيون مليارات محطمة من البشر في كل مكان .
كانت كل الاستطلاعات تقول بأن ترامب سيهزم هزيمة ساحقة ، ولكن الصناديق قالت شيئا آخر ، فلقد ظهر المجتمع الامريكي منقسما مناصفة حد الأنفصال ، وهو ما سيصعب من مهمة الرئيس الجديد في إدارة البلاد حتى بوجود مجلس نواب من حزبه ، لكون هذا المجلس منقسما هو الآخر بين ثلاث تيارات لا يجمع بينها جامع ، إضافة إلى أن خروج ترمب من البيت الأبيض سيكون له تبعات وتبعات من قبل تياره الشعبي المتطرف ولو بعد حين .
في منطقتنا تفاءل البعض وتشاءم آخرون ، و" تشاءل " قسم آخر ، ولكي لا نوغل في التاريخ ، نعيد التذكير بالأمس القريب : فقد حكم أوباما ثماني سنوات عجاف ، اضاف عليها ترامب أربعا أخرى ، وبعد مضي هذه السنوات الأثني عشر بجدبها وقحطها ومراراتها ، لا زال أغلب العرب بلا حراك ، وظلت الحقيقة ثابتة ايضا : وهي أنهم ، وفي كل السيناريوهات المتوقعة لحكم بايدن سيظلون بأغلبيتهم صفرا على الشمال ، ينتظرون المنقذ ، ويلهثون خلف السراب :
كالعيس في الصحراء يقتلها الظما
والماء فوق ظهورها محمول
جى بي سي نيوز