هل خسر الأردنيون الرهان؟
تطرح نتائج الانتخابات الأخيرة، ضرورة مراجعة مسار الإصلاح الأردني، الذي أتى بقانون الانتخاب الحالي، ودور مباشر للهيئة المستقلة للانتخاب وغير قابل للنقد! وعن اصلاح النظام الداخلي لمجلس النواب، ثم تطوير الإدارة المحلية وإيجاد مجالس محلية منتخبة. كل ذلك حدث في ظل فشل الأحزاب على التأثير في حياة الناس.
لقد شكلت السنوات الممتدة بين عامي 2010 – 2020 تطورات مدخلية وبنيوية كبيرة في الدولة الأردنية، على صعيد الممارسة السياسة وبنية المجتمع والدولة، مما فرض هندسة اجتماعية كليّة جديدة، أتاحت تشكيل مجاميع اجتماعية جديدة، وأبرزت فاعلين جددا في التأثير، وأطاحت بنخب تقليدية، لم تستسلم أو تقبل بالهزيمة، وحاولت الإبقاء على وجودها في أكثر من صيغة وشكل.
ورافق ذلك، تحول في النخب السياسية، وظهور مجاميع كفاعل سياسي متحول عن وظيفته إلى الموقف النقدي والمطلبي، كما رافق ذلك انكشاف السوق، وتراجع سياسات الحماية، وطغيان الزبائنية وتأثير المال السياسي، وتحطيم بعض القطاعات الانتاجية او هيمنة قوى اقتصادية حادثة في المجتمع، وكلّ ذلك عقب أزمة اقتصادية عالمية ومحلية بدأت عام 2008 وهي تتعاظم اليوم أكثر وضوحاً .
في مقابل التحولات والتطورات التي كشفت عن هشاشة في العملية السياسية وانعدام الفاعل الديمقراطي الحقيقي، كانت المواجهة تقليدية، بالحفاظ على ديمومة الانتخابات، دون تمكين حقيقي للأحزاب او تخل عن دور الدولة في حياة الناس، وابقاء حكومات بدون حساب امام مجالس النواب مما عظم ضعف ثقة الناس بالمجالس النيابية. كل ذلك حدث مع تمسك جلالة الملك بمسار الإصلاح، الذي بشر به الملك عبدالله الثاني ووعد به، وصدر من أجله عدد من الوثائق السياسية ذات الهدف الإصلاحي ومنها الأجندة الوطنية، ثم وثيقة الأردن أولاً، ووصولا إلى لجنة الحوار الوطني العام 2011 ، ثم الأوراق الملكية النقاشية ذات الأفكار التحديثية في بنية المجتمع والحكم.
كانت الإشارات المجتمعية الغاضبة بدأت عام 2007 مع اعتصامات مربي المواشي ضد سياسات الحكومات في موضوع الأعلاف، موجهة ضد سياسات الإفقار وتحطيم قطاع تربية الماشية، ولاحقاً جاءت أشكال احتجاجية من قبل المجتمع العمالي في الموانئ والزراعة، وتطور الأمر العام 2010 مع المعلمين الذين قادوا حركة احتجاج شعبي لأجل تشكيل نقابة لهم، معلنين عدم العودة لمقولة حظر النقابة، وقد فازوا بها تحت ضغط الربيع العربي الذي بدأت أحداثه تتطور دراماتيكيا في عام 2011.
وبالرغم من أنّ الفرصة ما زالت مفتوحة لإنجاز الإصلاح، إلا أن البعض يرى أنه تمّ إضاعتها لأسباب عديدة، تتعلق ببنية ومصالح نخب محافظة، التي أجهضت محاولات الإصلاح، أو في غياب الجدية الحقيقة للإصلاح والديمقراطية لدى مجموعة من عناصر المطبخ السياسي، وكانت المسألة الفلسطينية وخطر الإرهاب برأي بعضهم شماعة التبرير لكل ذلك التأخر.
واليوم، وبعد نحو عقد على بدء الإصلاح الفعلي، يسأل كثير من الأردنيين عن مآل مطالبهم الإصلاحية، وهل ان مجلس النواب الجديد قادر على تلبيتها، ووقف السياسات المضرة بمستوى حياتهم ودرء الفساد وتعزيز الحريات؟ وهل ان قانون الانتخاب الحالي جيد وممكن التعديل؟ فهل يعقل ان يمُثل الشعب في البرلمان بنسبة تصويتية قليلة؟ ثم هل البنية السياسية للنخب قابلة للتحديث ام لا؟ كل ذلك يحدث مع زيادة حجم التحديات الاجتماعية والاقتصادية، لكن هذا يجب أن لا يجعلنا نفقد الرهان على الأمل بالتغيير.
الدستور