قانون " الامن الشامل " وحبس من يصور شرطيا في فرنسا
ليست المظاهرات التي تشهدها فرنسا مجرد غضبة شعبية ضد مشروع قانون " الأمن الشامل " الذي وعد البرلمان بتعديل المادة 24 منه ، بل هي حركة مستمرة وفي طريقها الى التصاعد وان بطرق متقطعة رغم القوانين التي تم سنها من قبل لقمع الحريات في بلد الأنوار ، ورغم وعد ماكرون بالغاء المادة المذكورة او تعديلها .
قانون " الأمن الشامل " هذا يجرم كل من قام بتصوير رجال الأمن أثناء أدائهم لمهامهم بعقوبة قد تصل الى سنة سجن و45 ألف يورو كغرامة ، ما يعني القضاء على ما تبقى من حرية تعبير في فرنسا التي يزعم رئيسها أن سماحه بالرسوم المسيئة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام جاءت للمحافظة على هذه الحرية المزعومة وصونها لكونها أحد "مبادئ الجمهورية " ، ولكن هذه الادعاءات تتحطم فورا على صخرة التحضير منذ الآن للانتخابات القادمة بعد سنتين ، وايضا مغازلة ماكرون لليمين المتطرف الذي من المتوقع أن يتهمه بالتقاعس عن فرض الأمن في البلاد ، ما جعل الرئيس التائه في وضع لا يحسد عليه ، فهو غير قادر على ارضاء الشارع الذي خرج اليه اليساريون والعمال والفقراء ، وهم ، في الحقيقة ، ظل ظليل يحاكي أصحاب السترات الصفراء الذين تمت محاربتهم ومحاصرتهم بالقوانين ومنع وسائل الاعلام من تغطية مظاهراتهم ، ويراد للمظاهرات الاخيرة أن يصيبها ما اصاب تلك ، لدرجة أن المحتجين الذين خرجوا للاسبوع الثاني على التوالي ضد قانون الأمن الشامل ، لا يأبه بهم الاعلام التقليدي باستثناء القلة مما اضطرهم الى تغطية نشاطاتهم ومظاهراتهم بانفسهم وبواسطة مناصريهم عبر وسائل التواصل الأجتماعي .
صحيح أن تسريب الفيديو الذي ظهر فيه رجال شرطة يوسعون مهاجرا افريقيا بالضرب المبرح والأزدراء والشتم والتحقير بعنصرية همجية عجل في النقاش والجدال حول هذا القانون الماكروني الغريب المستنكر من قبل منظمات حقوقية دولية ، إلا أن الصحيح ايضا هو أن الشارع الفرنسي محتقن جدا لأسباب اقتصادية وسياسية أضاف اليها ماكرون البعد الاجتماعي عقب عاصفة الرسومات المسيئة وما يقوم به من اغلاق للمساجد وتضييق على المسلمين البالغ عددهم أكثر من 6 مليون فرنسي وسياسته الاقتصادية التي يصفها خصومه بـ " العرجاء " ..
القضيبة الآن واضحة : اسكات الاعلام وعدم تغطية الحملات ضد اليساريين والمطالبين بحقوقهم والمسلمين ومساجدهم واشخاصهم ومدارسهم واماكن تجمعاتهم ومطاعمهم " الحلال " وغيرها ، ولكن هذا هو الجزء الواضح من المشهد ، في حين يكمن في العتمة حقائق ووقائع سبق وتناولناها عبر مقال في شباط فبراير من العام الماضي 2019 ، ولأن القضيتين قضية واحدة فإننا ننشر هنا رابط المقالة المذكورة لالقاء مزيد من الضوء على ما يجري في فرنسا ولفك لغز ماكرون الذي تقول كل المعطيات بأن الانتخابات القادمة ستدفع به خارج الاليزيه وبدون عودة .
جى بي سي نيوز