يوم حساب الفساد

تم نشره الخميس 10 كانون الأوّل / ديسمبر 2020 12:32 صباحاً
يوم حساب الفساد
رمزي الغزوي

أظهر تقرير منظمة الشفافية الدولية أن الأردن حصل على 48 درجة من 100 في المؤشر العام لمدركات الفساد 2019، وأنه حل في المرتبة 100 عالميا من بين 180 دولة، والخامس عربياً بعد الإمارات العربية المتحدة وقطر والسعودية وعُمان.
لا أعرف لماذا كلما ذُكر الفساد ومكافحته أتذكر طقوس الحمام في طفولتنا. فقد كنا نكرهه ونهرب منه كهربنا من معلم واجهنا في رأس زقاق. لأنه يوم حساب وعقاب، وحين تقع في قبضة الأم؛ فلن يفيدك عويل أو استغاثة.
فالأم في العادة كانت تؤجل وتذخر كل عقوبة مستحقة لهذه المناسبة السعيدة. ولهذا كان وعيدها وتهديدها على شكل: (وين بدك تروح؟!، بديش أمسكك؟!)، طبعاً مع العضّ على الأصبع أحياناً، وإطلاق بعض شتائم تخص الأب.
وحين تقبض عليك وتجرك للحمّام، عليك أن تشهِّد، وتوصي أخوتك بآخر أحلامك، وقد يبدأ مشوارك بخلع الملابس بلين كاستدراج ذكي؛ ريثما تغدو (زلطاً ملطاً). ثم تسنُّ الصابون على ليفتها الخشنة بعصبية، وتبدأ بتلاوة محضر الذنوب الذي نفذتها طيلة أسبوع: ليش وسخت قميصك بالطين؟، وليش شديت جديلة سماح؟ وليش صفّرت بالرياضيات؟، وتعربشت على دالية الجيران؟ وبصبصت عليهم من خرم الباب، وليش راجدت (قذف الحجارة) على بوابة على دار أبو فلان؟، وسطيت على خم جاجات أم سعيد.
وخلال تلاوة المحضر عليك أن تتوقع زخات متفرقة من الصفعات الرنانة، والقرصات المباغتة اللولبية، وشد خدود، ومرس أفخاذ. وإذا كنت فاسداً كبيراً؛ فقد تتلقى كُماداً (قبضة) مدججاً بلوح صابون المفتاحين.
في هذا الوضع لا يكون أمامك سوى الزعبرة والتصنع وطلب المغفرة و(بوس التوبة سبع مرات)، فهذا ربما يخفف عليك، مع الحرص على عدم الهرب، ليس لأنك عار، بل لأنك ستلف وتدور كالأعمى ثم تعود للجلوس على مفرمة الخشب في اللقن؛ فيتجدد العقاب بقوة إضافية.
بعد تقرير الشفافية الدولية الذي ظهر بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد يوم أمس، تمنيت لو أن الفساد في بلادنا كان وسخاً عابراً، لكنت طلبت من أمهاتنا الطيبات أن يجهزن لقناً بمساحة حوض البقعة، وليفة كجبل القلعة، وماء يغلي يليق بدجاجة عتقية. فهذا أفضل من هبهبات محاربة الفساد، والوعيد بمسحة وتجفيف منابعه وعقد مؤتمرات لأجله.
فلو كان الفساد وسخاً؛ لحممنا مفسدينا بدلك غاضب لليفة تعيدهم برائحة طيبة وشاليش لامع. لكن الفساد لا يقوى عليه صابون، فهو لا يعلق بالجلود كالوسخ أو حبات التعب. بل يتخلق في نخاع العظام دماً يجري في العروق. الله المستعان.

الدستور 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات