الإدارة المحلية: مشروع منع الفشل
مشروع قانون الادارة المحلية قيد البحث مجددا، وأعلن وزير الادارة المحلية ( البلديات سابقا) عن تشكيل لجنة في الوزارة لدراسة مشروع القانون وستستقبل الملاحظات والمقترحات من الوزارات الاخرى وستتواصل الحكومة مع جميع الفعاليات من احزاب ونقابات ومؤسسات المجتمع المدني حول التعديلات.
مشروع قانون الادارة المحلية كانت قد ارسلته الحكومة السابقة الى مجلس النواب. ومن المؤسف ان المشروع تم انجازه بتكتم وظهرت منه نسخة اولية على موقع الوزارة سرعان ما تم سحبها ونفي انها النسخة المعتمدة ولم يعرض بعد ذلك للنقاش علنا حتى تم اقراره في الحكومة وارساله لمجلس النواب وهو يدمج قانوني البلديات واللامركزية ( مجالس المحافظات) في قانون واحد اضافة لأمانة عمان التي تم غض النظر عن انشاء مشروع قانون خاص بها. والقانون لا يحلّ المشاكل المعروفة التي افشلت مشروع اللامركزية والجديد فيه اضافة رؤوساء البلديات الى عضوية مجلس المحافظة الى جانب المنتخبين الذين لا يحدد القانون عددهم ولا آلية انتخابهم وتوزيعهم فتبقى كل التفاصيل عند الحكومة لتصدر في النظام والتعليمات. ومن جهة أخرى يذهب مشروع القانون خطوة الى الوراء اذ يغفل كليا المجالس المحلية التي شكلت اساس الاصلاح في البلديات وحلّ مشكلة الدمج لكنه يبقي مجالس الخدمات المشتركة وهي مصدر مشاكل وبوابة فساد. وإلغاء المجالس المحلية تم هكذا دون مناقشة التجربة مع اصحاب الشأن والرأي العام لانضاج قرار التخلي عنها ان كانت صيغة فاشلة. وعلى العموم مشروع القانون لم يجب عن الاسئلة الشائكة ولم يقدم اجابة وحلولا للعديد من المشاكل.
كنا نتوقع ان يكون القانون بمثابة خارطة طريق مفصلة للنهوض بالادارة المحلية على مستوياتها الثلاثة المجالس المحلية والمجالس البلدية والمحافظات بما في ذلك السلطات والصلاحيات وحدودها واشكالات التداخل بينها اضافة الى النص على الصلاحيات الجديدة المفترضة بموجب التوجه نحو اللامركزية لكن الصيغ بقيت فضفاضة مواربة كما في القانون السابق بالنسبة للادارة المحلية بشقيها التنفيذي أي المجلس التنفيذي للمحافظة ومدراء الدوائر والمنتخب أي مجالس المحافظات. والحق ان هذا اغاظنا كثيرا خصوصا وان الآراء والكتابات والتحليلات وتوصيات الملتقيات بهذا الشأن وافرة جدا وشخصيا كتبت عدة مقالات ووجهت عدة مذكرات لرئاسة الحكومة وفي وقت مبكر جدا احتوت على ملاحظات ومقترحات لأخذها بالاعتبار في صياغة الأنظمة والتعليمات الخاصة بقانون اللامركزية. وقد صرح معالي الوزير توفيق كريشان ان مشروع القانون ينطوي على ثغرات بالغة الأهمية يجب أخذها بالاعتبار.
قانون الادارة المحلية قانون ضخم ويقرر مستقبل التنمية على مستوى المحافظات والبلديات ونجاح او فشل فكرة اللامركزية وهي الفكرة المركزية لإعادة التوازن في النمو المشوه والذي جعل العاصمة نصف الأردن وقاد الى التمركز السكاني والتنموي وهجرة الكفاءات وتهميش المحافظات. ليس معقولا اعادة انتاج نفس القانون المسؤول عن الفشل. هناك مسائل اجتهادية وخلافية لا نقول ان الحق فيها في جانب واحد. ويجب الانفتاح كثيرا على كل الأفكار والاجتهادات وخصوصا بشأن هيكل التشكيل ونظام الانتخابات للبلديات ومجالس المحافظات ونقل الصلاحيات. ونتوقع اخضاع القانون لحوار فعال والانفتاح على كل الآراء بما في ذلك دراسة تجارب دول اخرى. اكتفينا من الفشل وهدر الوقت بشأن اللامركزية والادارة المحلية ومهمتنا اليوم وضع القدم في ركاب النهوض.
الدستور