التعليم ليس "لابتوب" ومدرسة افتراضية!!
تخطئ وترتكب كبيرة حين تعتقد أية جهة رسمية أو خاصة أن مشكلة التعليم أو التعلم أو الدراسة عن بعد تنحصر في توفير أجهزة كمبيوتر أو الأجهزة التعليمية.
التجربة كانت أفضل برهان أن التعليم عن بعد أو "أونلاين" كان أشبه بعناد الغراب الذي أراد تعلم مشية الحمامة، وعندما فشل وحاول أن يعود إلى مشيته الأولى فشل مرة أخرى وبقي يحجل بساقين شبه مكسورتين.
معظم الطلاب الذين كانت تتوفر لهم مثل هذه الأجهزة كانوا بالكاد ينتبهون إلى شرح المعلم، وكانوا يمضون وقتهم وتركيزهم في أشياء أخرى غير الدراسة، وكانت الأمهات يمارسن دور المعلمات، دون أجر طبعًا! ويقمن بواجب الاستماع للمدرس، وحتى تقديم الامتحانات عن الأبناء المشغولين بشؤونهم الخاصة!
المسألة ليست جهازًا لوحيًّا أو "تابلت" أو "لابتوب"، وإنما كيف ندفع الطالب إلى المشاركة عن بعد! وهذه مسألة كانت تشكل تحديًا في الغرفة الصفية حين كان التعليم وجاهيًّا، وتفاقمت إلى حد قد يصعب معه العودة إلى النظام التعليمي الكلاسيكي، وقد نحتاج إلى عملية إنعاش من أجل عودة تفاعل الطلاب في الغرفة الصفية!
المسألة هنا تتعلق بالجانب العاطفي والاجتماعي والاختلاط والمشاركة، وهي عوامل لا يمكن أن يحققها "التعليم عن بعد" الجاف، والقابل للتلاعب به بذكاء من قبل الأبناء والأمهات.
في معظم الدراسات الدولية التي أجريت حول "التعليم عن بعد" كان ثمة تراجع كبير في مستوى الطلاب في المواد التطبيقية مثل الرياضيات والعلوم، وتراجع مستوى الطلاب في عملية القراءة والكتابة في الصفوف الثلاثة الأولى التي يحتاج فيها الطالب إلى التواجد في الغرفة الصفية من أجل تعلم الأحرف والأرقام والكلمات الأولى والنطق بها.
حمل الحقيبة المدرسية وارتداء الزي المدرسي الموحد، والطابور الصباحي، والدخول إلى الصف بانتظام، والمحافظة على النظافة، والجلوس في المقاعد بصمت وهدوء، والاستماع للمدرس، والمشاركة في النقاش، وإنجاز الواجب المدرسي، هي ما تمنح قيمة عاطفية للتعليم الوجاهي، وتعطي الطالب حافزًا إلى المنافسة وإثبات الذات وبناء شخصيته. المدرسة هي من يصنع شخصية الطالب وليس شاشات الكمبيوتر.
الحديث عن نجاح "التعليم عن بعد" محاكاة ساخرة! وسعي حثيث غير مجد للإجابة عن سؤال: أيهما جاءت أولًا البيضة أم الدجاجة؟!
السبيل