لا لرفع الحد الأدنى للأجور
اهم ما خلفته كورونا انشغال الحكومة على حماية الاجور وفرص العمل والوظائف المتوفرة في القطاعين العام والخاص وعدم تسريح العمال، وان كانت قرارات تسريح العمال تجري من امام اعين الحكومة ويستغل اصحاب العمل المتضررون من تداعي كورونا الوخيم اوامر الدفاع.
وزير العمل مشغول هذه الايام بالحديث عن رفع الحد الادنى للاجور. ولا اعرف، هل يعلم معاليه ان المستفيدين من اي قرار لرفع الحد الادنى للاجور هم العمال الوافدون حصرا ودون منافس؟! وبالارقام لو راجع بيانات الضمان الاجتماعي ان حوالي 80 % من متلقي الحد الادنى للاجور وافدون.
و بلا شك فان الانشغال الرسمي على قضية الاجور، ونظرا للتداعيات المقلقة والمرعبة لكورونا وما يعاني الاقتصاد الاردني من ازمات متراكمة وجذرية وبنيوية بفعل الخصخصة والمديونية وتحرير سوق الطاقة وغيرها.
الخيار الاجدى، والتفكير بالحلول لا بد ان يبدا اولا بحماية الموظفين من التسريح، وتعويض العمال الاردنيين في كافة القطاعات المتضررين من تداعيات كورونا، واقرار تشريع واجراء لتامين الحماية الاجتماعية للشرائح المتضررة. وما تم اعلان عنه مؤخرا من الحكومة وتحت مظلة الضمان الاجتماعي من تعويض ودعم غير كاف ولا يسد رمق ملايين من فاقدي الوظائف والفقراء الجدد بفعل كورونا.
ليس المطلوب حتما رفع الحد للاجور، الحل اقتصاديا واجتماعيا بربط الاجور بالاسعار. وهذا الربط ان تحقق فانه سيخلق ديناميكية اجتماعية بالتعامل مع الاجر الشهري، وخاصة في ظل تداعي التضخم وارتفاع الاسعار والاضرار الجامدة التي لحقت بالاقتصاد والقطاعات والمواطنين.
وضع تصور سنوي او نصف سنوي للاجور، وبذلك يحمى اجر الموظف من التضخم والعوامل الاخرى الاكلة لقوت وعيش المواطنين، وتثبت قدرة استهلاكية تنشط وتحافظ على ديمومة وحيوية الاقتصاد الاردني.
و المعطى الاخر، ولو ان الحكومة بدل التفكير في رفع الحد الادنى للاجور تراجع سلة الضرائب الباهظة المفروضة على السلع والخدمات الاستهلاكية والاساسية، وكما لو يجري مراجعة فاتورة الكهرباء والطاقة وتحديدا للشرائح الاجتماعية المتضررة من كورونا ولشريحة الموظفين محدودي ومتوسطي الدخل.
معطيات لو يجري تبنيها حكوميا فانها ستكون روافع لانقاذ الاقتصاد الاردني، والخروج من ازمة كورونا باقل الكلف الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، وبما يضمن حماية شرائح اجتماعية انزاحت طبقيا نحو مربع الفقر والفقر المدقع.
حماية الاجر من التاكل بفعل التضخم وارتفاع الاسعار، وسن تشريعات صارمة تضمن التزاما بدفع الاجور الى جانب تعويض المتضررين من كورونا. خطوات تتناسب مع الظرف الراهن الضاعط اقتصاديا واجتماعيا ومعيشيا. ومن دون ذلك فان الاجور تنحرق، والناس تموت من الجوع ويزداد اعداد الفقراء الجدد، واشباح البطالة والعطالة تخيم على الاقتصاد والمجتمع.
هل يمكن لخزينة الدولة ان تتحمل قرارات خفض الضرائب على السلع والخدمات وتحمل اعباء ازمة الاجور؟ لربما هو صعب ما دام اصحاب القرار يفكرون خارج اطار المسؤولية الاجتماعية الملحة في الراهن الكوروني، واضافة الى ان الميزانية ستبقى تعاني من العجز المزمن مادام الاقتصاد في غرفة الانعاش، والقدرة الشرائية والاستهلاكية معدومة.
لربما ان اكثر من يؤيد اطروحتي هنا اصحاب العمل، واذا ما ادركوا ان معالجة الاجور بهذه الافكار والمقترحات ستنقذ الاقتصاد وتخرجه من ازمته وتعيد الاقتصاد الى حيويته.
ازمة كورونا عرت شبكة الامان الاجتماعي، وما خلف الفايروس من تداعيات اجتماعية ومعيشية تفوق الوصف والذكر، ويعاني منها الاردنيون يوميا، ودخلت دون استئذان بيوت الناس دون استثناء. فقد تبين ان شبكة الامان الاجتماعي ثقوبها واسعة، وان الشبكة دون خلفية فكرية تميز العمل الاجتماعي عن الخيري، وان الثقافة المتحكمة به التسول والترجي والاحسان.
الدستور