الاختراق السيبراني : امريكا تحت المجهر الروسي
صمت البيت الأبيض ما قبل تغريدة ترمب الأولى حيال الاختراق السيبراني لا يقل أهمية ، بالنسبة لمراقبين ومشرعين عن الاختراق نفسه ، لدرجة وصلت اتهام نواب لترمب بالخيانة عقب محاولته تبرئة الروس ، إذ إن ترامب ولمدة اسبوع التزم الصمت رغم تلقيه معلومات " أحاطة " ، ورغم أنه هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ، وموقفه هذا جاء بعكس موقف بايدن الذي علق وتوعد بالرد وعقاب روسيا افرادا وكيانات بالتزامن مع قول زعماء في الكونجرس : ان عمليات القرصنة الروسية لا تزال مستمرة وسط انكار بوتين شخصيا هذا الاتهام .
الهجوم استهدف الترسانة النووية والدفاع والتجارة والمؤسسات المالية وهي الجهات المعروفة حتى كتابة هذه السطور ، وبالتأكيد فإن المحققين الأمريكيين بحاجة ألى مزيد من الوقت للتوصل الى حقيقة هذه الهجمات ومدياتها المختلفة وحجم الضرر الذي تعرضت له أمريكا المنشغلة بتفاهات تغريدات يطلقها رئيس لا زال يرفض التصديق أنه سيغادر في العشرين من الشهر القادم .
سبق للولايات المتحدة أن تعرضت لهجمات مختلفة ، ولكن هذه الاخيرة تمكنت من كشف كل مستور حساس في الدولة الأمريكية ليس بدءا بالقضايا الأمنية والاستراتيجية والمالية ، ولا انتهاء بكل صغيرة وكبيرة عن آخر خفايا الترسانة النووية ، أي ان أمريكا كلها باتت تحت مجهر اعدائها سواء : الروس كما يقول بومبيو ، أم الصينيين كما يقول ترمب .
حجم المخاوف يفوق التصور ، وأروقة وكالات الأمن الأمريكية خلايا نحل تعمل بحساسية زائدة وسرية ، ولكنها سرية باتت مضحكة إذا علمنا بأن الهجمات بدأت منذ نيسان ، أي أن أمريكا انكشفت منذ ثمانية شهور .
المصيبة الثابتة في هذه الهجمات ، بل وهذه " الفضيحة الأمنية " أن وكالة الأمن السيبراني الأمريكي التابعة لوزارة الأمن الداخلي ثبت بأنها وكالة ضعيفة وهزيلة وفاشلة وبأن كثيرا من الاجراءات والخطوات والعمل الدؤوب لا زال بانتظارها ، أما راهنا ، فإن حيلتها معدومة سوى طلبها من الجهات التي تعرضت للاختراق فصل برنامج " سولار ويندوز " والايعاز بوقف استخدامه من قبل الحكومات الفرعية والفيدرالية .
الجانب الخطير الآخر ، أن تعرية وكشف الاسرار الأمريكية بكل دهاليزها يعني - بالضرورة - أن الذي شن الهجوم وحصل على الاسرار الامريكية حصل - بالضرورة - على كل أسرار العالم ، لأن الاختراق وقع على كل أمريكا ، بما فيها وكالاتها الأمنية والاقتصادية وعلاقاتها الثنائية إلخ ..
ليس على الولايات المتحدة وحدها ان تقلق ، بل إن على العالم كله أن يفعل ، والعرب ، طبعا ، ليسوا بدعا من الأمم .
جى بي سي نيوز