كُرد سوريا.. و«الغزوة» التُركية الجديدة
يُواصل كرد سوريا المُمثلون في إطارَيّ... قَسد (المُسلّح) ومَسد (السياسِيّ), كغطاء مُضلِّل لوحدات حماية الشعب «PYD», لعبة المُراوغة والرهان على عامل الوقت, رغم إدارة ترمب ظهره لهم وعدم احتفاله بحمايتهم, في وجه التهديدات التركية باجتياح بلدة عين عيسى (يصِفونها العاصمة الإدارية للإدارة الذاتية, التي اخترعوها لأنفسهم بدعم أميركي), وخصوصاً من خلال أوهام ما تزال تُعشعش في عقولهم, بعد كل الأذى والخراب الذي ألحقوه بسوريا وأنفسهم وبمن يدّعون تمثيلهم, «فَرِحين» بسيطرتهم على مساحات واسعة وثروات زراعية ومائية وخصوصاً نفطية, قال عنها ترمب بأن عوائدها ستكون تعويضاً عن الالاف التي صرفتها واشنطن.
ما علينا بدأ الجيش الوطني (اقرأ مُرتزقة تركيا من المجموعات الإرهابية) قبل يومين, هجوماً واسعاً بدعم من المدفعية والطائرات المُسيّرة التركية على بلدة عين عيسى وأريافها, بهدف احتلالها تمهيدا لـ«تمزيقها» والطرق المُوصلة بين البلدات والأرياف التي تسيطر عليها قَسد. سواء طرق الرقة وعين العرب, أم وخصوصاً الطرق المُوصلة من وإلى دير الزور والحسكة, على نحو يُقطِّع أوصال مناطق الإدارة الذاتية, التي ما يزال قادة «قسد» يُمنّون أنفسهم, بأن أصدقاءهم في واشنطن (رغم تغيّر الإدارة) سيُواصِلون حمايتهم.
قادة «مَسد» أي مجلس سوريا الديمقراطية, كما ذراعهم العسكرية «قسد», بدأوا حملة إعلامية ضد روسيا (وليس ضد صديقتهم أميركا), مُحمِّلين موسكو مسؤولية الهجوم الذي تتعرض له عين عيسى وأريافها، كونها «تقاعسْت» عن حماية المدنية, بل ذهبت أمينة عُمر رئيسة المجلس الى القول: إن موسكو لا تقوم بـ«واجِبها» لوقف الهجمات. فهل تعهّدت الأخيرة فعلاً, حماية المدينة ثم خذلت «قسد» و«مسد»؟
الوقائع والمعطيات تُثبت العكس, إذ «اشترَطتْ» موسكو, لإعاقة بل وفرملة أي هجوم تركي مُحتمل, أن تقوم «قسد» (قوات سوريا الديمقراطية), بتسليم «عين عيسى» للجيش السوري, وعودة المؤسسات الحكومية الرسمية ورفع العلم السوري عليها, وخروج «قسد» وأي مظاهر تُوحي بوجود «الإدارة الذاتية» فيها, إذا ما أرادوا تجنيب «عين عيسى» المصير الذي انتهت اليه تل ابيض وعفرين ورأس العين, في غزوات تركيا الثلاث المعروفة: درع الفرات، غصن الزيتون ونبع السلام.
لكنهم... كرد سوريا في» قَسد ومَسد » رفضوا ذلك, بل ركِبوا رؤوسهم وأفشلوا مسعىً روسِيّاً للجم اي عدوان تركي جديد, يأتي كالعادة مُتخفِّياً أو مُستخدِماً مُرتزقته في فصائل جهادية وأخرى تكفيرية وثالثة تصف نفسها «الجيش الوطني السوري», ثم لا يلبث الغُزاة أن يرفعوا العلم التركي على المناطق السورية المُحتلة الجديدة, مُواصِلين عملية «التتريك» المستمرة بوتائر عالية, منذ التدخّل التركي في الأزمة سوريا قبل عشر سنوات».
مسؤولية سقوط «عين عيسى» في قبضة المُحتلّ التركي, تقع على عاتق كرد سوريا, الذين لم يستخلِصوا اي دروس أو عِبر من مُغامراتهم السابقة, وتحالفهم مع المحتل الأميركي الذي خذلهم أكثر من مرة. ولم يُدركوا أن تركيا الأطلسية أهم لديه – رغم الخلافات بينهما – من مُجرّد مجموعات مُسلّحة, لا أفق لتمرّدها ولا مستقبل ينتظِر أوهامها. فهل يُدرِك هؤلاء «الحكمة».... قبل فوات الأوان؟
الراي