هذا السؤال الملغوم ..!

تم نشره الإثنين 08 شباط / فبراير 2021 12:29 صباحاً
هذا السؤال الملغوم ..!
حسين الرواشدة

ما لم يُحسم سؤال المواطنة في بلادنا بإجابات «توافقية» عادلة، فإننا سنظل أسرى لمعادلة «مفخخة» بالاستقطابات والمطالب والمخاوف، وسيدفع مجتمعنا من عافيته ثمناً باهظاً لصراعات «نخبوية» ما تزال تتغذى على أفكار ومقولات «قاتلة».

هذا -بالطبع- يحتاج إلى مزيد من التفصيل والصراحة، ودعونا نعترف هنا بأن المسألة لا تتعلق «بالهوية» وما يدور حولها من جدل مغشوش، وإنما تتعلق بمفهوم «المواطنة» وما يترتب عليها من اعتبارات تجعل «الأردني» مطمئنا إلى حقوقه وواجباته، لا في إطار التعريف النظري والقانوني فقط، ولكن في الإطار السياسي والعملي أيضاً.

ثمة من يريد ان يختزل المشكلة في زاوية «المنابت والأصول» وثمة من يحاول ان يضعها في إطارها «السياسي» العام، صحيح أن البعض يشعر بأن «مواطنته» مجروحة ومنتقصة، وان لديه حقوقاً ومطالب، مشروعة أحياناً وغير مفهومة أحيانا أخرى، لكن ثمة على الجانب الآخر من يشعر بأن «وجوده» مهدد، وبأن مستقبله محفوف بالمخاطر.

السؤال: كيف يمكن ان نؤسس لمعادلة جديدة تطمئن الطرف الأول على حقوقه وتطفئ ما لدى الطرف الآخر من هواجس، أو بعبارة أخرى : كيف نستطيع أن نبني دولة «المواطنة» التي يشعر فيها الجميع «بالرضى» والقناعة، ويخرج فيها المجتمع من دوامة التصنيف والتوزيع، ومنطق المحاصصة والقسمة، وفكرة «هذا يرث وذاك لا يرث».

عنوان الإجابة الذي يفترض أن نذهب إليه هو : «السياسة» ولكن لا نستغرق في «الفزعات» المتبادلة والاتهامات التي تريد ان تغطي على المشكلة او أن «تستغلها» لإطالة الصراع وتوظيفه في اتجاهات معروفة، دعونا نتذكر بأن ما جرى في مجتمعنا على امتداد العقود الماضية من محاولات «للتقسيم» والإفقار والاستعداء لم تكن تستهدف طرفاً دون آخر، ولم يكن «أصحابها» محسوبين على أصل محدد، وإنما كانت تستهدف الجميع، وكان المسئولون عنها «طبقة» سياسية استفردت «بالسياسة» ووجهتها نحو مصالحها دون أي اعتبار للمصلحة العامة، وبالتالي فان الدعوة الى «مواطنة متساوية» (الأدق: مواطنة عادلة) يجب أن تتجاوز منطق «الفئة» أو الفصيل أو الجهة إلى منطق «الجماعة» والوطن والأمة، فالعدالة حين تستقيم موازينها تشمل الجميع، و»المواطنة» حين تستقر على أسس واضحة تجعل الكل أمام معادلة الحقوق والواجبات سواء.

في كل مرة تطرح فيها قضية المواطنة نكتشف بأننا نوجه نقاشنا العام حول «نقاط» ملغومة وملتبسة ومستفزة، ونقع ضحية لتجاذبات «متطرفة» لها مصلحة في إذكاء حدة الصراع واستمراره بدل حله وتجاوز مطباته، كما نكتشف بأن الإشكالية لا تتعلق بما يريده الناس وما يشغلهم من قضايا وهموم وإنما تتعلق «بحسابات» النخب واشتباكاتها التي غالباً ما تعتمد منطق الإقصاء والحذف وتغيب عنها أخلاقيات الخصومة السياسية كما يغيب عنها التفكير -مجرد التفكير- بإنتاج مشروع وطني جامع أو التأسيس «لملة وطنية» تستوعب الجميع ولا تترك لأحد أن يطرد الآخر من داخل هذه «الملة».

لو سألتني عن «بؤر» التوتر التي تفرز دعوات ومطالبات «المواطنة المتساوية» لقلت على الفور بأنها لا تتجاوز الإحساس بغياب موازين العدالة، وهذا الإحساس يشعر به أغلبية الأردنيين، لا مجرد فئة محددة، وبالتالي فان «إصلاح السياسة» كفيل بالرد على المطالب والهواجس معا، وهذا الإصلاح لا يمكن أن يتحقق ما دام البعض يصر على «العزوف» عن المشاركة، والنأي بنفسه عن العمل العام، وانتظار الآخرين لكي يقوموا بالواجب قبل الدعوة الى «المواطنة المتساوية» يفترض ان ندعو الى المزاحمة المتساوية، من اجل تحقيق «اصلاح» حقيقي ينتصر لقيمة الوطن.. وقيمة العدالة والمساواة.. وقيمة الشراكة في الغرم والغنم معاً.

الدستور 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات