هل تتخلى تركيا عن "أس- 400"؟
ألمحت الخارجية التركية ووزارة الدفاع الى إمكانية تعطيل العمل بمنظومة الدفاع الجوي الروسية الصنع (اس- 400)، وتشغيلها عند الضرورة فقط.
إعلانٌ عكس قدرًا من المرونة لدى القيادة التركية في شقها السياسي والعسكري، غير أن هذه المرونة لا تستجيب سوى للحد الادنى من مطالب الولايات المتحدة الامريكية، الهادفة الى إلغاء كامل لصفقة شراء المنظومة الروسية دون تقديم بدائل معقولة، أو على الأقل إزالة عوامل القلق واسباب انعدام الثقة بين أنقرة وواشنطن التي تراكمت عبر السنين، خصوصًا مع الإدارة الديمقراطية الحالية والتي سبقتها بقيادة أوباما.
الجدل حول منظومة الصواريخ لا يكاد يخبو حتى يعود ويتجدد عند كل منعطف او لقاء وحوار تركي أمريكي؛ إذ يعد مؤشرًا على المستوى الذي بلغته العلاقة بين أنقرة وواشنطن؛ فواشنطن قابلت مبادرة أنقرة بموقف صادم من هجمات حزب العمال الكردستانس (بي كا كا) على 13 من المواطنين الأتراك شمال العراق اليوم الاثنين؛ حيث إن إدانة الخارجية الامريكية لحزب العمال اقترنت بشرط ثبوت تورطهم في الهجوم الإرهابي.
الموقف الأمريكي دفع الخارجية التركية الى استدعاء السفير الامريكي في أنقرة ديفيد ساترفيلد، في حين انتقد رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان بيان الخارجية الامريكية بالقول إنه "مزحة!".
اشتباكٌ دبلوماسي دفع وزير الخارجية الامريكي انتوني بلينكين للاتصال بوزير الخارجية التركي جاويش أوغلو، مسجلًا أول اتصال مباشر بين إدارة بايدن وأنقرة.
اتصالُ وزير الخارجية الامريكي، ورغم أنه جاء لتصحيح الموقف الامريكي إلا أنه لم يخلُ من طرح شروط أمريكية على تركيا بدعوة بلينكن تركيا إلى ضرورة التخلي عن منظومة "أس- 400" الروسية؛ فالملف تحول الى اهم القضايا التي تطرحها واشنطن في لقاءاتها مع أنقرة دون إغفال باقي الملفات التي من ضمنها ملف العلاقات اليونانية التركية.
حزب العمال الانفصالي بهجومه الإرهابي حَرَّك المياه الراكدة بين أنقرة وواشنطن، وفتح نافذة اتصال مباشرة بين الحليفين العضوين في "الناتو"، إلا أن إعادة الاتصال جاءت في ظروف توتر واتهام وتراشق بين أنقرة وواشنطن، موحيةً أن العلاقات بين إدارة بايدن وتركيا في دائرة الاختبار المتوتر والحوار الساخن.
فإذن، أكد موقف الادارة الامريكية من هجوم انفصاليي (بي كا كا) أن العلاقة ستبقى متوترة بين البلدين خلال السنوات الأربع القادمة، وهي حقيقةٌ تعني ان تركيا لن تتخلى عن أوراقها السياسية والعسكرية؛ فالمرونة التي أبدتها في ملف "أس- 400" قوبل بموقف مريب في واشنطن من حزب العمال الكردستاني الانفصالي، الأمر الذي يعني أن تركيا لن تتخلى عن الصفقة مع روسيا، ولن تغلق الباب أمام موسكو، خصوصًا أنها تتعاون معها في سوريا، وفي ملف الطاقة كالغاز والنووي، وتلك أوراق لن تقايض عليها بشروط واشنطن وقيودها في العلاقة مع موسكو، او بموقفها الغامض من "بي كاكا" الانفصالي.
السبيل