"يوم الأرض".. رسالة للعالم بأننا باقون هنا
لم يكن يوم الأرض جزءا من الأعياد الفلسطينية والطقوس الاحتفالية أو البكائية، ولم يعد يوما للخطابة والشعر وكلمات التأبين.
أصبح يوم الأرض جزءا من الذاكرة الفلسطينية التي تتزاحم فيها الصور كما لو كانت بحرا يفيض الماء عن حافته.
يوم يعيد القيمة الإنسانية لثقافة المقاومة الشعبية لدى الفلسطينيين، وإعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة العالمية بعد أن اضمحلت وانتكست وانكمشت، هو إدانة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي لم تتوقف منذ أن وصلت إلى شواطئ فلسطين أول سفينة محملة بالمهاجرين من أوروبا.
يوم يخرج فيه الفلسطينيون من شرنقة الانقسام إلى الوحدة من جديد حول الهدف الوطني والقومي وهو تحرير الأرض وإقامة دولة فلسطين العربية بمساندة ودعم من الأشقاء العرب.
يوم يؤكد فيه الفلسطينيون أن القدس ليست ملكا لأية نبوءة أو هلوسات لدى متطرف نزق يقبع خلف كتبه القديمة التي أكلت عليها العفونة وغفت.
الفلسطينيون بالتأكيد لم يخترعوا الشهادة، ولم يكتشفوا قيمة الخروج أقوياء من تحت رماد القتل والانقسام والتآمر من الأخوة أو الأشقاء الأعداء، هم فقط منحوه صفة البقاء والاستمرار، وحولوه إلى رمز وتاريخ وهوية وطنية وقومية.
في يوم الأرض، في الثلاثين من آذار عام 1976، أطلق جنود الاحتلال النار على المسيرات والمظاهرات السلمية في فلسطين المحتلة عام 1948 مما أدى إلى استشهاد ستة فلسطينيين، هم: خديجة شواهنة، ورجا أبو ريا، وخضر خلايلة (من أهالي سخنين)، وخير أحمد ياسين (من قرية عرابة)، ومحسن طه (من قرية كفركنا)، ورأفت علي زهدي (من قرية نور شمس واستشهد في قرية الطيبة)، إضافة لعشرات الجرحى والمصابين والمعتقلين.
وكان السبب المباشر لانفجار يوم الأرض هو قيام سلطات الاحتلال بمصادرة نحو 21 ألف دونم من أراضي عرابة وسخنين ودير حنا وعرب السواعد وغيرها، لتخصيصها للمستوطنات الصهيونية في سياق مخطط تهويد الجليل.
ولم يكن هذا الانفجار وليد لحظته تلك فقد صادر الاحتلال الإسرائيلي في الأعوام ما بين 1948 و1972 أكثر من مليون دونم من أراضي القرى العربية في الجليل والمثلث، إضافة إلى ملايين الدونمات الأخرى من الأراضي التي استولت عليها الاحتلال، بعد سلسلة المجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي وعمليات الإبعاد القسري التي مارسها بحق الفلسطينيين في عام 1948 وفيما بعدها.
قيمة يوم الأرض ليست فقط في الشهداء وإنما في تحوله إلى رمز وطني فلسطين وقومي عربي، رمز في التمسك بالأرض حتى أخر قطرة دم، وأخر يوم في التاريخ، بالأرض وبحتمية عودتها لأصحابها الشرعيين.
قيمته في تحوله إلى هوية وطنية وثقافة وذاكرة وإلى رسائل في جميع الاتجاهات بأن أساس الصراع هو الأرض، وبأن الفلسطينيين سيبقون في هذه الأرض إلى الأبد وليس في بالهم أو خططهم مغادرتها أبدا رغم حالة الضعف والانقسام والانهيار العربي.
السبيل