الشعبوية المجتمعية
كثير ما نسمع مصطلح الشعبوية فهو من اكثر المصطلحات السياسية غموضاً، لانه يفتقر الى بنية مفهومية واضحة المعالم، وهناك من يعتبره ضرب من السياسة يسعى الى تمثيل مصالح ورغبات الناس العاديين، الذين يشعرون بان جماعات النخبة المتنفذين من الطبقات السياسية ورؤوس الاموال واصحاب المنافع تتجاهل مطالب الطبقة الشعبية البسيطة.
فهو بمثابة خطاب شعبي سياسي قائم على انتقاد التغول على حقوقهم وبالتالي فان التدخل الشعبي السلمي وفق الطرق المصرح بها سيؤدي الى اعادة القوة الى ديمقراطية تنادي بالمطالب الشعبية، اي ان الشعبوية انتجت هوية مجتمعية غير رسمية، لكنها بمثابة تضامن اجتماعي تتخاصم مع السلطة التنفيذية به لتحقيق سلسلة من المطالب.
وهناك من يحولها الى مسمى حركة شعبية اجتماعية، وهي كحد تخاصمي بين تلك الفئة الاجتماعية من جهة والسلطة التنفيذية من جهة اخرى، وهناك من يعتبرها رد فعل ديمقراطي على التجليات غير الديمقراطية، وان الشعبوية ديمقراطية في جوهرها ولها ابعاد ايجابية في كثير من الاحيان عندما تكون المطالب منطقية، وعندما تشير الى كثير من المخالفات والتجاوزات.
وان الشعب غير مقيد ويحق له ان يعبر عن ارائه بطرق سلمية بعيداً عن الدسائس التي من الممكن ان تعصف بالحركة الشعبية وتحولها الى مسار آخر اكثر حدية وتصادمية، وتصعيداً غير مبرر ولا سقف له.
والجهات الرسمية تزيل كثيراً من القيود اتجاه ذلك، على اعتباران تلك الحركة من بعض الحقوق الفردية والجماعية في اطار ديمقراطي سلمي كونهم يعتبرون ان النخب السياسية المتنفذة لا تمثلهم ولا يجوز ربطها بأي شخص يمثل زعامة شعبية.
وحتى أن كثيراً من تلك الحركات الشعبية تنتقد البرلمان المنتخب عندما لا يستطيع ان يحقق رغبات الشعب او يحمي الشعب من تغول السلطة التنفيذية على حقوقهم.
ان الظاهرة الشعبوية ستبقى ما بقيت الديمقراطية قائمة في اي دولة، وقد اصبحت تضع نوعاً من انواع سيادة الارادة الشعبية بالطرق السلمية، وتجري تقسيماً اخلاقياً بين (نحن) و(هم).
لذلك لا بد من وجود حلقات وسيطة بين السلطة التنفيذية وممثلين عن الحركات الشعبية المختلفة، يجلسون على طاولة الحوار لتحقيق المصالحة وتقريب وجهات النظر، بما يرضي الطرفين، وهذه الحلقات الوسيطة متعددة ومتنوعة.
الدستور