الجنرال الأخير في مطار كابول
الصورة الخضراء التي التقطت بواسطة الكاميرات والمناظير الليلية للجنرال الامريكي كريس دوناهيو ، آخر عسكري أمريكي يغادر افغانستان كشفت حقيقة " الانسحاب - الهزيمة التي تكبدها الغرب في " مقبرة الأمبراطوريات " وفق وصف بايدن نفسه .
كان الجنرال المذكور ، قائد الفرقة 82 المتنقلة جوا متعبا يحمل سلاحه بإحدى يديه وتظهرعلى سحنته مخايل الهزيمة والانكسار وهو يلج بوابة آخر طائرة نقل عسكرية فرت من الجحيم في مطار شبه مدمر ، مطار - قبل سويعات فقط - تكدس فيه آلاف الجنود الذين كان بالإمكان قتلهم أو اسرهم لو شاءت طالبان ذلك بعد حصارها المطار وقبيل إطلاقها تحذيرها الذي هز البنتاغون والبيت الابيض والكابيتول : إنه غير مسموح البتة تجاوز الاتفاق الموقع الذي حدد زمن الإنسحاب في الحادي والثلاثين من آب ، وإن حدث ذلك فسيختلف الأمر ، وهو ما فهمه الساسة والجنرالات أن عليهم الانسحاب وفق هذا التاريخ لكي لا يقعوا في مصيبة تغطي على كل قتلاهم الـ 3500 والـ 20 ألف جريح عبر عقدين طويلين من القتل والقصف والتدمير وهدم القرى .
هي ذات المشاهد بالضبط ، وما أشبه الليلة بالبارحة : جنود في طائرات مروحية فوق سفارة واشنطن في سايغون في العام 1975 وفيتناميون عملاء يتشبثون بها ويتعلقون بأقدامها الحديدية طلبا للفرار ، وبعد 45 عاما يتكرر المشهد .. وها هم نفس الصنف من البشر يتعلقون بعجلات طائرات النقل العسكرية في مطار كابول ، ويسقط بعضهم بعد الاقلاع على الأرض في مشاهد حزينة وقاتلة وتطرح لعنات لا أسئلة بشأن هذا الموت المجاني وهذه الحرب العبثية التي راح ضيحتها من الافغان منذ بدء الغزو الغربي لهذا البلد ما يقارب الـ 50 ألف قتيل ناهيك عن عشرات آلاف الجرحى والمعوقين وملايين المشردين في الداخل وفي الدول المجاورة وفي اصقاع الأرض .
ماذا تراه كان يقول الجنرال كريس دوناهيو في سره عندما دلف الطائرة المزدحمة بالجنود المحبطين المنهزمين .. لعله كان يحدث نفسه : لقد هزمنا هؤلاء الحفاة الرعاة الجوعى المتوحشون ، لقد حاصرونا في النهاية في بضعة كيلو مترات وكان بإمكانهم إبادتنا ، لماذا يحدث كل هذا ، وإلى اين يسير بنا الساسة المدنيون المتعجرفون ، ولعله بات على قناعة الآن بما قاله وزير الدفاع البريطاني بن والاس قبل ايام في تصريح صارخ : " إن الولايات المتحدة لم تعد قوة عظمى " .
جي بي سي نيوز