الشراكة ..إلى أين؟!
الشراكة السياسية بين العسكر والمدنيين في حكم السودان تواجه تحديات سياسية وأمنية، بعضها مرتبط بخلافات داخل ائتلاف الحرية والتغيير، وبعضها له علاقة بموقف العسكر ضد العسكر ومحاولات الانقلاب الأخيرة..والسؤال..السودان إلى أين؟!.
بداية فإن التجربة السودانية لإدارة مرحلة انتقالية مدتها خمس سنوات باتت على المحك، بعد فشل محاولة الانقلاب ووجود خلافات داخل المؤسسة العسكرية التي تهيمن على السلطة، كما أن قيادات وازنة تمثل حركات الشمال وخاصة إقليم دارفور تطالب بتعديل لائحة الإتفاق الموقع بين ائتلاف الفصائل الممثلة في قوى الحرية والتغيير، والتفاصل مرتبطة بفشل الإصلاحات وتردي الأوضاع الاقتصادية،وخلافات على المناصب الإدارية، ومما يؤشر عليه الكثيرين أن حالة التملل الشعبي لها ما بعدها حال استمرار الوضع الحالي.
العسكر ضد العسكر وصراعات الأجنحة بين الجيش وقوات التدخل السريع أوصلت الأطراف إلى المواجهة الأمنية،والمشهد السياسي مثل الكثبان الرملية لا يمكن تحديد مساره.
رئيس الوزراء حمدوك يحاول جاهدا منع إجراء تعديلات على لائحة الإتفاق الموقعة،وممثل إقليم دارفور يطالب بزيادة حصته في التعينات الإدارية وبمواقع مهمة في الدولة، ويطالب قوى الحرية بتوقيع اتفاقية جديدة تتضمن إصلاحات يراها ضرورية لمواصلة مشاركته في الائتلاف، وهناك من ينادي برفض مشاركة حزب المؤتمر التابع للرئيس السابق عمر البشير وبكل الأحوال فإن الخلافات مرشحة للتصعيد وقد لا يصل الفرقاء في 2024م،إلى ترجمة الإتفاق على إدارة المرحلة الانتقالية وتسليم السلطة إلى إلى إدارة مدنية بعيدا عن شراكة العسكر (أي الانتقال إلى الاستقرار السياسي).
فرقاء الأزمة السودانية على شدة خلافاتهم، يحاولون تفادي انهيار الوضع الحالي وفشل إدارة المرحلة الانتقالية بما يعني الذهاب إلى المجهول، وعلى الطرف الآخر فإن الأجنحة الأمنية ترى فرصتها قائمة لتعزيز مواقعها داخل السلطة السياسية،ففي مؤسسة الجيش خلاف مع قوات التدخل السريع، كما أن الأجهزة الأمنية باتت تشتكي تدخل المدنيين في شؤونها الإدارية، واللافت أن هناك من يرى أن قصة الانقلاب مفبركة وغير صحيحة وأن العسكر ضد العسكر وأن المخاوف كلها مرتبطة باحتمالية انقلاب تعيد المشهد إلى الوراء وتفشل الإتفاق حول المرحلة الانتقالية وبعبارة أخرى العودة إلى ما بشبه نظام الحكم السابق.
من المبكر الحكم على التجربة السودانية ومدى نجاحها، وما نراه أليوم يشي بتدخلات إقليمية وضغط دولي ،ويبقى السؤال..هل تتفادى قوى الحرية والتغيير خلافاتها وتواصل شراكتها مع العسكر أم تنقلب الأمور وتتجه إلى التصعيد وما يعنيه من جر البلاد إلى دوامات من العنف قد تفضي إلى تشظي البلاد مرة أخرى؟!.
الأيام القادمات سوف تنبئنا عن مستقبل السودان ومستقبل إقليم دارفور ونجاح أو فشل التجربة السودانية المتمثلة بالشراكة بين العسكر والمدنيين.
الدستور