لا يوجد شيء يخيفنا..! كيف..؟
تسممت الاجواء العامة بالاشاعات، وقد انعكست أجواء الاحباط على العمل العام فلم يعد الوزير أو المسؤول يعمل بالطاقة التي تقتضيها المصلحة العامة وهناك مشاريع ومعاملات تحتاج الى ابداء رأي وإلى تواقيع وتحمل مسؤولية يجري ركنها أو تأجيلها أو عدم البت فيها نتاج خوف المسؤول من الوقوع في الخطأ أو اتهامه أو تحميله المسؤولية أو حتى التخلي عنه ولذا يجلس الكثير من المسؤولين في مكاتبهم بانتظار المجهول والتزام نظرية «سكّن تسلم» والذي لا يعمل لا يخطىء..
عدوى الخوف من اتخاذ القرار تنتشر وهي تشل الجهاز الاداري البيروقراطي للدولة ولذا كان كلام الملك في رئاسة الوزراء ملتقطاً لهذه المسألة ومشخصاً لها بقوله «في ان يتحلى الوزراء بالشجاعة والجرأة في اتخاذ القرارات السليمة لان التردد في صنع القرار سيؤثر سلبياً على الوضع الاقتصادي والاجتماعي اللذين يشكلان أكبر تحد لنا في هذه المرحلة..
وبالفعل كنت سألت مجموعة من الوزراء قبل التعديل الأخير في منزل وزير البلديات الدكتور حازم قشوع عن هذه الظاهرة التي أقروا وجودها وقالوا انها تضايقهم، ولست هنا بصدد ضرب الأمثلة العديدة التي قدمها بعضهم للتدليل على هذه الأعراض واذا كنا نشكو بطء الاصلاحات على مختلف المستويات فإن هذه الظاهرة ظاهرة الخوف من اتخاذ القرار تزيد الطين بلة.. فموظف العمل العام سواء كان في موقع الوزير او اقل هو بحاجة الى الحماية من الابتزاز واغتيال الشخصية والضغوط الاجتماعية المستعملة في الواسطة والمحسوبية.. ويبدو ان وضع الموظف العام وضع حائر. فإن هو رفض الضغوط وسياسات الابتزاز جرى الاستعداء عليه وتشويه صورته واقناع من هم مسؤولين عنه بعدم ضرورته والاسراع في استبداله.. وان هو استجاب بضغوط وجامل على الوظيفة العامة التي اؤتمن عليها فإنه يلتحق بمن يساهمون في رداءة الاداء وضعفه وترهله وعبور المزيد من الفساد واليه.
اذن كيف يمكن كسر الحلقة الجهنمية؟وكيف يمكن تحصين الموظف العام وحمايته والشد على يديه لنضع النموذج الذي نبني عليه ويحتذى، ومن منطلق الحاجة الماسة لتحريك عجلة العمل الاقتصادي والاجتماعي بسرعة لتلبية الحاجات والمطالب المتزايدة في الشارع ومطلب الجماهير فإن هناك بالفعل ما يخيف، والذي يخيف هو بطء عملية الاصلاح العامة وعدم التواصل الرسمي على كل المستويات مع الشارع وادراك حاجات الناس والاجابة على اسئلتهم. واعتقد ان النموذج الملكي في الزيارات وهو واضح وفاعل لا يكفي بل لا بد ان تبادر الحكومة والوزراء والمسؤولون على مستويات مختلفة وحتى في مستوى الامناء العامين ومدراء الدوائر بزيارات ميدانية للتخفيف على الناس ودعمهم معنويا ايضا والاردنيون يأخذون بالمثل القائل «لاقيني ولا تغديني» وان كنا اليوم في مرحلة غديني بعد ان اتضح ان لا اصلاح بالخطابة والدعوة واللغة والتمنيات وانما بشيء على النار وزراعة تبشر بثمر سريع..(الرأي)