خيار الحكومة انتظار المنح ؟
يقال لنا صراحـة أحياناً، وضمناً أحياناً أخـرى، إن هناك دعماً مالياً كبيراً في الطريق إلينا مما قد يرفع حجـم المنح الخارجية في موازنة هذه السنة إلى مليار دينار.
هـذا القول لا يخلو من التفاؤل، ولكنه قد يتحقق جزئياً أو كلياً، فهناك مؤشـرات إيجابية لا يستطيع إنكارها سـوى مكابر، ولكن السـؤال: ماذا يغير ذلك من السلوك المالي والاقتصادي للدولة؟.
رئيس الحكومة رفض تنسيب الفريق الاقتصادي برفع أسعار المحروقات وقرر الاستمرار في دعمها طالما أن هناك (خيارات) أخرى. والمقصود بتلك الخيارات هو الوعد بالمنح المنتظرة، لكن السلوك المطلوب من الحكومة المسؤولة يجب أن لا يتغير، فالقرارات الصحيحـة يجب أن تؤخذ دون إبطاء سـواء وردت تلك المنح أم لم تـرد.
بدون المنـح المنتظرة ستكون الحكومة مضطرة لان تقترض أكثـر من 5ر1 مليار دينار هذه السنة لسـد العجز المتفاقم في الموازنة، فإذا تلقـت الخزينة دعماً مالياً استثنائياً فإن ذلك سيخفض حاجتها للاقتراض ولكن العجـز مسـتمر وستظل بحاجة أن تقترض مئات الملايين من الدنانيـر.
المساعدات القادمة -إذا تحققـت- لا يقصد بها تمويل دعـم المحروقات والمواد الغذائيـة وزيادة الرواتب، بل تخفيض الحاجـة الكبيرة للاقتراض أو تسديد الديون. أما الإجراءات الاقتصادية التي تحتمها الظروف فلا بد منها، ولا خيارات بديلـة عنها.
على العكس من ذلك فإن إجراءات التقشـف هي التي تشـجع المانحين على تقديـم المساعدة المالية، وعلى من يطلب مساعدة الآخرين أن يساعد نفسـه أولاً.
إذا جاءتنا مساعدات عربيـة أو أميركية استثنائية، هل نستعملها لتغطية دعم المحروقات أم لتحسـين المركز المالي للدولة.
وإذا وصلتنا مساعدات مالية اسـتثنائية هذه السنة لأسـباب تتعلق بالظروف الراهنة، فهل تستمر المساعدات على نفس المستوى في السنوات القادمة؟ إذا لم تستمر، كما هو متوقع، فإننا نكون قد رحـّلنا المشكلة وأجـّلنا مواجهتها لمدة سـتة أشهر، فماذا عن موازنة 2012.
على الحكومة أن تأخـذ القرارات الصحيحة الآن ولا تلتفت لمن يهددها ويحاول ابتزازهـا.(الرأي)