بصمات على جدار الزمن الجديد
من يجادل بأن العرب كسروا عنق الزجاجة, وخرجوا من النفق المظلم الطويل, والتحقوا بركب العصر وثبتوا اقدامهم في قلب التاريخ من جديد بعد ان راح المهزومون والمشبوهون والكسالى والعبيد, والاقليميون والطائفيون ينهشون لحم خير أمة أخرجت للناس, ويسخرون من حقيقتها التي ملأت الآفاق قرونا مديدة على طريق الحرير والبخور والعطور والسندس والديباج من مشارق الارض الى مغاربها وهم يعتلون الخيل عنوة واقتدارا ...
من يجادل في ان هذه الأمة التي اعتقد المعتقدون انها خرجت من التاريخ, تكسر اليوم قيودها قيدا قيدا وتبدد ما نسجه العنكبوت حولها وهماً وهماً وبيتاً بيتاً:-
1- كسر الخوف, ركيزة الركائز في بيت النظام الرسمي العربي البوليسي الفاسد.
2- كسر ثقافة الهزيمة واليأس وتجاوز أجيالها عبر جيل جديد وادوات جديدة.
3- كسر ابواب الباستيل العربي وما اكثرها من سجن طرة الى ابو زعبل الى سجون الصحارى والواحات الى نقرة السلمان وتطوان.
4- كسر النوافذ وفتح البيوت بحجارة من سجيل بعد ان اوشك الهواء على الوجوم وصارت الحياة كل يوم على ذمة الموت.
5- تحريك المياه الراكدة, مرة واثنتين الى ان تفيض على ضفافها الآسنة.
6- كسر ثقافة الكهف والخروج الى النور.
7- كسر ثقافة ووعي العقل المستقيل والعقل المحجوب.
8- كسر ثقافة الصالونات وما يجوز ولا يجوز, والاعلاء من شأن الممارسة واختبار النظريات والافكار في الشوارع والميادين ...
وفي كل ذلك ثمة ملاحظات لا تخطئها العين:-
1- ان الثورة التي بدأت بكسر النوافذ وتحريك المياه الراكدة وتحطيم الباستيل العربي أشبه بانسان الكهف الذي يحتاج لوقت حتى يتعود على الشمس.
2- ان الثورة أشبه بالمجرى العام للنهر وهو مجرى طويل متعرج تهطل فيه الامطار والسيول العادمة القذرة والنظيفة وتركبه سفن وقوارب متنوعة ذات اليمين وذات الشمال لكنه يواصل طريقه قويا هادرا نظيفا.
3- ان الثورة العربية أشبه بثورات 1848 في اوروبا التي احتاجت لعدة سنوات قبل ان يستقر النظام الدستوري والديمقراطي فيها بين كر وفر مع الثورة المضادة التي انهزمت في النهاية.
4- وبالمحصلة لا تستعجلوا نتائج سريعة للثورة بل اعملوا من اجلها ...(العرب اليوم)