براءة معان من قصة الرئيس
حسناً ما فعله اهل معان بالاعتذار الى رئيس الوزراء، عما فعله نفر قليل غير مسؤول في معان والتبرؤ من الفعلة التي ادت الى رفع صورة الرئيس على حمار، وهو الامر الذي اثار غضباً عاماً.
كنت قد كتبت السبت الماضي مقالة بعنوان «اهانة الرئيس في معان» ابديت فيها الضيق الشديد من تعرض الرئيس لهكذا اهانة، وقد قلت ان الخصومة السياسية، لا تسمح لاي واحد فينا بالتطاول على الذات الشخصية والانسانية لاي مسؤول.
مقالتي اثارت ضجة كبيرة جداً، واتهمني البعض بأنني اتذاكى، عبر التنديد بالقصة،فيما قصدي الباطني هو التشهير بشخص الرئيس، خصوصاً، ان القصة كان يعرفها عدد محدود، وبعد الكتابة عنها شاعت اعلامياً وشعبياً.
هذا كلام مؤسف، لانني لا اكتب بدافع باطني ابداً، ولا اقصد اشهار الحادثة، ولا الاساءة للرئيس، عبر ترويج الحادثة، هذا على الرغم من انني ضمن «القائمة السوداء» لخصوم الرئيس، المصنفين لدى دولته، دون ان يعني ذلك اي حق لي بالتجاوز في اخلاقيات النقد.
ابن معان استاذي العزيز الدكتور سعد ابودية والذي درّسني في جامعة اليرموك، وُيدرّس اليوم في الاردنية، ابرق الي محتجاً، معتبراً انني اسأت الى الرئيس عبر نشر الحادثة والتنديد بها، وانني ايضا اسأت لاهالي معان بربطهم بالحادثة.
لربما يعرف الدكتور ابودية انني واحد من اكثر الذين يتبنون قضايا الجنوب ومدنه ومشاكله، ولي حبل سري خاص يربطني بمعان وبهذه المدن واهلها، ولم اقل في مقالي ابداً ان الحادثة والتصرف تمثلان اهالي معان، على ما فيهم من كرامة وطيبة وشرف.
كلنا يعرف ان الحادثة معزولة فعلها نفر قليل في معان، ولا يجوز المرور عن الحادثة سريعاً،خشية ان يتحول التنديد بها، الى اشهار لها وترويج للفعلة، وهكذا قضايا لا يمكن المجاملة بها، تحت اي تبرير، ولا يمكن الزج بمدينة وعائلاتها في مستنقع دلالات القصة.
معان واهلها، لهم احترام خاص، وعلينا ان لا نقبل اتهام الخلط في الدوافع، فالحديث عن نفر محدود في معان، لا يعني كل معان، والحديث عما تعرض له الرئيس، لا يعني الاساءة له بترويج الحادثة، بقدر صدم الرأي العام بها.
صدم الرأي العام يراد منه ان نعود الى قواعدنا الاخلاقية في الاختلاف، ونحن مجتمع عربي ومسلم له عاداته وتقاليده، ولا يحق لاي واحد فينا مس الذات الشخصية والاجتماعية والانسانية والعائلية، للخصم السياسي، او لاي شخص اخر.
الحوار له سقف تفرضه الاخلاق قبل القوانين، وهذا السقف يمنعك من التطاول على كرامة الانسان، واطالة اللسان، او مس العرض او الاولاد او الزوجة، او التعبير بطرق غير مقبولة في حياتنا.
اذ احترم رأي العزيز د. سعد ابودية، غير ان عليه ان يسمح لي ان نقرأ معاً فائدة اثارة الحادثة، عبر حث كل الحراكات والمسيرات على العودة الى القاعدة الاخلاقية التي يريد بعضنا ان يتجاوزها.
عبر الاسابيع الماضية، تم ايضاً شتم اسماء معروفة، بأقذع الكلام، وسمعنا هتافات في عمان وعدة محافظات، يندى لها الجبين، من مساس وسخ للعائلة والزوجة، واستباحة كل شيء، فلماذا لم نسمع ايضاً اعتراضاً على هذا الكلام، ولم نسمع اي براءة او اعتذار؟!.
معنى الاشارة: حادثة الرئيس في معان اثارت كل هذا الاستياء، فيما اسماء اخرى أهم يتم مسها،ولا نسمع صوتاً للتنديد بما يحدث نحوها، وكأن هذا مقبول ومسموح،فيما الذي يتعلق بالرئيس غير مسموح، ونشره غير مسموح، والبراءة منه تأتي سريعاً!.
علينا جميعاً ان نعود الى المربع الاول، مربع الاخلاقيات، وهذه ليست حريات، ولا حرية تعبير، ولا تعبيراً عن غضب الشارع، فهذا «كلام وسخ» بتنا نسمعه، كل اسبوع، لا يترك احداً الا وينال منه، كلام «وسخ» يحمل شعاراً «وسخاً» دون اي حق.
للرئيس كل المحبة والاحترام، وهو دوماً ابن الطبقة التي لا يعرف ابناؤها السرقة ولا السمسرة،وفي موقعه كرئيس للحكومة اخطأ مرات، بما يجيز نقده ومساءلته، دون ان يلغي الخطأ حقه فيما يخصه من سمات ايجابية، يتفق عليها الخصوم والاصدقاء.
معان،لا يراد لها ان ُتختطف على يد نفر قليل، يشوهون سمعتها وتاريخها، لانها انبل واجل واكبر من هكذا افعال من نفر لا يمثل ارث معان، ولا تاريخها الاخلاقي، وذات القاعدة تنطبق على عمان وبقية المحافظات.
الافعال غير المشرفة والشعارات الوسخة، ملف آن الاوان لمعالجته ووضع حد لظلاله،ورد كل شيء الى حدود السقف القانوني والاخلاقي، وعلى العاقلين في العاصمة وكل محافظة الزام الناس بأخلاقيات الشعارات التي نقبل ان تقال حتى في بيوتنا.(الدستور)