حركة (قرعة) وحراك (أقرع)
إلى حد ما, توقف المشتغلون بالسياسة عن استخدام كلمة "حركة" وصاروا يستخدمون كلمة "حراك", وذلك عند حديثهم عن النشاطات الشعبية مثل الاعتصامات والمسيرات والبيانات وشتى أشكال الاحتجاج.
تبدو الكلمة الجديدة أكثر مرونة فهي تشمل مختلف النشاطات مهما بلغ حجم التفاعل معها وفيها, بينما تقتصر كلمة "حركة" على نشاطات من مستوى معين, فإصدار بيان مثلاً لا يعتبر حركة بينما يمكن وصفه بالحراك, وكذلك الأمر في أبرز النشاطات الدارجة حالياً وخاصة على شاشات الكمبيوتر من خلال المواقع وصفحات التفاعل, فهي حراك حقيقي بينما يصعب القول أنها حركة.
يضاف إلى ذلك أن تسمية "حركة" ارتبطت بالعناوين الكبيرة, فهناك مثلاً الحركة الاسلامية والقومية واليسارية والوطنية والتحررية والثورية وغيرها, وبالطبع دون أن يعني ذلك اقتصار الاستخدام على هذه المعاني, فهناك في الاستخدامات اليومية للناس أنواع أخرى من الحركات مثل الحركة "البايخة" والحركة "مش ولا بد", كما تستخدم الكلمة ذاتها للإشارة إلى الزمن المطلوب لتنفيذ أمر معين مثل قولنا: "حركة يومين" او حركة أسبوع", كما تنتشر بين الناس قناعة بأن في كل حركة بركة.
مفهوم الحراك يعفي مستخدمه من كثير من هذه التداعيات في المعنى, ويكفي أن تكون على علم بالحراك حتى تعتبر نشيطاً فيه, وبمجرد أن تتابع وتسأل قد تتحول إلى ناشط, وبقليل من الإضافات تتحول إلى واحد من أبرز الناشطين في الحراك, وإذا واظبت لمدة معقولة قد تتحول إلى أحد قادة هذا الحراك, وتستطيع إنجاز كل هذه المراحل خلال زمن محدود, وقد سمعت مؤخراً عن شاب كان يرفض التضحية بتاريخه النضالي, وعندما سؤل عن هذا التاريخ أوضح أنه منذ ثلاثة شهور أسس صفحة فيسبوك.
أخشى ما نخشاه أن يكون جزء من الحراك الجاري مجرد "حركات قرعة" في طور التحول.(العرب اليوم)