وقفة
لا بد أن يقف المرء بين حين وآخر لينظر في مسيرة حياته بعمق وروية.
هذه الوقفة تمنحه فرصاً كثيرة منها تجديد الأهداف التي يريد بلوغها، ومنها التقدير الصحيح لما حققه من إنجازات أو ما تعرض له من إخفاق.
من تقاليد الجيش الروماني الجيدة، أنهم كانوا يضعون إلى جوار كل قائد في المعركة خادماً يهمس له دائماً قائلاً: «أنظر خلفك، وتذكر أنك بشر!».
البشر يخطئون، ويحملهم الغرور لارتكاب مظالم وشرور كثيرة، وليس هناك فرصة صفاء للتذكر خير من لحظة المواجهة مع ملك الموت.
هذه الوقفة تمنحك أيضاً فرصة تذكر فيها المأزق والمتاعب التي تعرضت لها في حياتك، والتي كان من الممكن أن تودي بك وتضعك وراء النسيان.
والناس أمام هذا الموقف صنفان، صنف ينسب الفضل لقدرته وذكائه، كما قال قارون وأشباهه من الطغاة « إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي «.
وصنف يزداد اعتقاداً أن الأقدار منحته الحماية لكي يؤدي دوراً ورسالة، ويقول مع موسى النبي « قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ «.
أنا -شخصياً- أمارس هذه الوقفات وأرى لحظات كثيرة يضعني عقلي فيها على شفير الهاوية، لكن يداً تمتد لي من وراء حجاب.
أحاول أن أكون من الصنف الثاني، فأنجح أحياناً وأفشل أحياناً، وأسأله تعالى الجزاء الحسن على المحاولات.
عمّان، اكتوبر 1999
الدستور