إيمان
اختلاط المؤمن بالمؤمنين يزيد من إيمانه ولا شك، لأنهم يعينونه على الخير، ويزاملونه في صنع الحسنات، ويذكرونه إذا نسي.. وهكذا.
لذلك جاء في الحديث الشريف فيما رواه الترمذي: الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل.
كما يقول ابن الأعرابي:
وإذا صاحبت فاصحب ما جدا ذات عفاف وحياء وكرم
قوله للشيء لا أن قلت لا وإذا قلت نعم قال: نعم
كل هذا صحيح وبديهي، لكني وجدت المؤمن الواعي يستفيد من معرفة الأشرار أيضاً.
الدروس التي نأخذها من الأشرار كثيرة، شريطة أن يكون إيمانك قوياً يحميك من الهبوط، ذلك أن الشر أوسع انتشاراً، وهو يقتحم البيوت وغرف النوم مع الصحف والإذاعات.
الشرير يؤذي نفسه في الدنيا قبل الآخرة.
تراه مقصراً في تربية أبناءه وبناته فيخرجون على شاكلته يغبون في الفساد.
ترى أسرته مفككة لا يجمعها جامع كما يقول الشاعر:
إذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهل الدار كلهم الرقص
قد تفتح له الدنيا أبوابها في بعض المراحل والظروف، لكن المال والجاه يزيده بطراً وطغياناً، ويزيده إيغالاً في الفساد.
لا يأبه بالجار المحروم، أو القريب الفقير، أو اليتيم، فيصبح محلاً للسخرية والازدراء والحسد.
المؤمن الواعي يرى كل ذلك فيحمد الله على نعمة الإيمان، ويزداد تمسكاً به وارتباطاً بحبله.
لعل ذلك ما قصدته الآيات الكريمة عن الإيمان الذي يزيد وينقص:
« فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ».
المدينة المنورة، مارس 1989
من سلسلة مقالات «غير منشورة» للمرحوم كامل الشريف
الدستور