هل حقًا كل هذه قضايا مخدرات؟
يمكن لأي أحد أن يزور محكمة أمن الدولة، ويقف في ردهاتها متفحصا، ليجد عشرات الموقوفين، علما أن المتهمين في قضايا تمس أمن الدولة، عليهم أن يفهموا بأن قضاياهم خطيرة وتمس أمن دولة، ومن الطبيعي أن تكون إجراءات التعامل معهم مشددة، فقانون السجون يلزم حرس السجون، الذين يرافقون الموقوفين والنزلاء للمحاكم «كل المحاكم وليس محكمة أمن الدولة فقط»، بوضع القيود الحديدية في أيديهم وأرجلهم، وقيود أخرى إضافية للموصوفين بالخطرين، وليست هيئتهم الخارجية ما يهمنا هنا، فهي موجودة في كل محاكم العالم، بل ما يهمنا هو لماذا حضروا إلى هنا بالعشرات؟!..
.. استرقت السمع لموظف يجيب محاميا متسائلا عن موعد إحضار الشرطة لموكله الموقوف، مستفسرا هل حضر أم لا، ويقول المحامي للموظف:
عندي جلسة في قصر العدل لازم الحقها لا يحكمونا فيها غيابي، فيرد الموظف:
عليك أن تنتظر قليلا حتى تصل سيارة المساجين، اليوم يتم عرض أكثر من 230 سجينا على المحكمة.
سمعت الرقم فذهلت!! 230 متهما نزيلا في مراكز الإصلاح يدخلون في يوم واحد قاعات المحاكمة في محكمة أمن الدولة! ما هي قضاياهم يا ترى؟..
حاولت أن آخذ فكرة عن قضايا هؤلاء الشباب، فقيل لي: 95% منهم موقوفون ويجلسون على قضايا مخدرات!.
هل حقا كل هؤلاء يتعاملون بهذه السموم القاتلة؟.. سؤال تجيب عليه الشواهد الكثيرة بالإيجاب، لكن السؤال المهم: كم من هؤلاء تثبت إدانته بهذه التهمة؟ وهي إجابة رقمية لا بد أن ثمة إحصائية في مكان ما توضحها، بل وأتوقع ان دراسات وأبحاث أكاديمية وأمنية وربما اجتماعية، تجري على هذه النسب، وتكون سببا في إعادة النظر في الإجراءات التي تنتهجها الدولة في سعيها لمكافحة هذه الآفة المدمرة.
في موضوع ذي علاقة، كنا نكتب قبل أكثر من 10 سنوات وعلى امتداد السنوات العشر التي قبلها، بأن تعيد إدارة المعلومات الجنائية التابعة للأمن العام النظر في موضوع منح عدم المحكومية لطالبيها، وكانت الإجراءات آنذاك مكررة يضطر معها المراجع أن يعيدها حرفيا مع كل مرة يحتاج فيها لشهادة عدم المحكومية، وأصبحت هذه الملاحظات اليوم في خبر كان البعيدة، حيث قفز جهاز الأمن العام قفزات نوعية في الأتمتة واستخدام أنظمة الكمبيوتر في العمل، وحقق جوائز دولية في استخدامه للتكنولوجيا وتقديمه خدمات منظمة ودقيقة وسريعة، لا سيما في إدارة المعلومات الجنائية وترخيص المركبات والسواقين وغيرها من الادارات، وبتنسيق كامل مع مؤسسات معلوماتية رسمية أخرى، كالمحاكم والأحوال المدنية وغيرها..
اليوم نوجه الاقتراح:
لماذا لا تتم أرشفة أحكام البراءة وإخفاؤها من شاشات المحكمة؟ هل يعتبر حكم البراءة في قضايا المخدرات أسبقية بحق الشخص المتهم في قضية مخدرات أخرى؟.
هذه أسئلة لها علاقة كبيرة ومهمة بالأمن، وبالإجابة على السؤال عنوان المقالة...
وهذا ما سنوضحه في مقالة أخرى.
الدستور