العقلية الإقصائية في الانتخابات البلدية

تم نشره الثلاثاء 08 شباط / فبراير 2022 12:51 صباحاً
العقلية الإقصائية في الانتخابات البلدية
رمزي الغزوي

ذات مرةٍ ذكّرت عائلة كبيرة في بلدة كبيرة رئيس بلديتها حينما (شمّ نفس) عليها. ذكّرته بأنها هي التي أوصلته إلى الكرسي الدوار، ولولا عديدها لما حلم بمسه أو لمسه، حتى لو كان أوردغان أو مهاتير محمد أو آينشتاين. قالوا له بالحرف الواحد: أنت وصلت بنفسنا، وكان بإمكان أحد آخر منا أن يحوز الكرسي.

قريباً من هذه الصورة الموجعة المؤلمة المكرورة، فنحن نعيشُ اليوم أجواء التسخين المتسارع للانتخابات البلدية حيث لا شيء في هذه السوق إلا الاصطفافات العائلية الكبيرة ومفرداتها وخنادقها ومتاريسها وصناديق انتخاباتها الداخليها وفزعاتها. ولولا «فيسبوك» والهاتف الذكي؛ لقلت أننا ما زلنا في القرن السابع عشر. مؤسف أن نعيش ردة بهذا الثقل المتعنت.

حين نشتكي أن بلدياتنا ضعيفة ومجالسها أضعف بلا خدمات ملموسة ودون مستوى الطموح، يضع البعض اللوم على الدولة. مع أن المشكلة برايي لا تكمن في هذا فقط بل إن الأمر يعود إلى تركيبتنا الاجتماعية التي تبدو لي غير قابلة للتغيير. مشكلتنا الحقيقة في عقليتنا التي تستطيع أن تكيّف و(تقيّف) كل القوانين حسب مصالحها ومراميها. عقلية بحسٍّ إقصائي تعرف كيف تجلب النار إلى قرصة خبزها، حتى ولو مات الآخرون جوعاً.

كنت وسأبقى مع تلك اللُحمة الاجتماعية العظيمة الحافظة لتماسك المجتمع بالمحبة والمودة والوئام. ولكني ضد منهج تفكير وتطبيق يقوم على العصبية والقبلية والتعنصر البدائي والإقصائي للآخر. العقلية التي تعلي من شأن رابطة الدم في المسائل السياسية والقيادية والخدمات البلدية، وتقدمها على كل قيمة إنسانية أخرى، حتى لو كانت ذات خير للحياة.

هذا التفكير ما زال يعيدنا إلى العرف العددي المحض الذي كان صالحاً في حقب تاريخية غابرة. أي بقدار عددكم يكون (مددكم). و(عدْ إرجالك ورد المي). أي بعدد (زلمك) تشرب من رأس النبع، وتترك الماء عكراً لمن دونك.

للأسف هذه حالنا اليوم، ونحن في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين. مشهد لا يسر الخاطر ولا ينبئ بخير. وكأن كل التعليم العالي في وطن استثمر كل ما لديه في التنوير والتفتح والثقافة ذهب أدراج الرياح.

فحينما يتقمص شبابنا المتنورون عقلية هي أشد تمترساً وعصبية وتعنتاً من عقلية أجدادهم؛ يحق لنا أن نشعر بالخوف من انسداد أفق التغيير. للأسف حتى المثقفون والمتعلمون ينقلبون إلى قبليين في مواسم الانتخابات. نحن نتجمّل ونمثل ولكننا عندما نواجه الصندوق نعرف كيف نكون.

الدستور 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات