كيف تنخدع النساء 1-3
منذ زمن وأنا أحدث نفسي أن أبوح. أن أفكر بصوت غير خافت، وبكلمات لا يصيب أحرفَها حُمرةُ خجل، من مناقشة موضوع حيويّ ربّما يُعالَج في رواية أكثر من أن يتمّ تناوله في مقالة، دعكم من المقدِّمات التي لا طعم لها، ودعوني أقول لكم كيف تنخدع النساء.
تتعدد أساليب انخداع النساء بتعدّد اهتماماتِهنّ، ورؤيتِهن لما يلمع في الرجل، ولا قاعدة ولا تعميم، إنما الأمر في حدود الاجتهاد، ولعلّي أُخطِئ أكثرَ ممّا أصيب. لا تنخدع امرأةٌ لا تبحث عن بهرجة، وعن أضواء، وشهرة، وإثارة، وجاه، ومال، ولا تنخدع امرأةٌ لا تقودها عاطفة هوجاء، تستخدم عقلَها، وتُعمِل التفكير قبل أن تخطوَ أولى خطواتِها، لا تنخدع امرأة غيرُ متهوِّرة، وغير مغامرة، امرأة لا تقامر بحياتها، وسمعتِها، وسلامةِ أُسرتها، ولكن النساء أمواج، ولكل موجةٍ زبدُها، ولكل رجلٍ عرقوبٌ يعلّق منه، وكما تنخدع النساء، فإنّ ذلك لا يقلّل من قدرتِهنّ على خداع الرجال.
عقلي محشوٌّ بالأفكار، لا أعرف من أين أبدأ، أم تراني قد بدأت. لن أخطّط، ففي رواية (موسم الهجرة إلى الشمال)، يأخذ البطل السوداني الذي كوَتْه شموسُ إفريقيا، فتاتَه الإنجليزية، إلى غرفته بعد شهرٍ على لقائه الأول بها في «هايد بارك» لندن» وعندما شعرتْ أنه يأخذها إلى ما لا تريد فعلَه، قال لها: هيهات، لو كنتِ لا تريدين ذلك، لما وافقتِ قبل شهر على تلك النزهة في الحديقة، ثمّ قال قولتَه: لو عرف كل إنسان أين ستقوده الخطوة الأولى، لتغيّرتْ أشياءُ كثيرة في هذا العالم. خطوةٌ واحدة على تطبيقٍ من تطبيقات التعارف، أو المُواعدة، قد تقلب حياةَ امرأةٍ بالكامل، القَبول بأول لقاء على فنجان قهوة مع الشخص الخطأ، قد يقلب الطاولة على رأسها، قد تحقِّق أحلامَها، وقد تفشل كل أفلامِها الرومانسيّة الحالمة التي أنتجَتْها في حضن الخيال، وتتكسّر كل أقلامِها.
تغزو العالم الآن تطبيقات المُواعدة، كالنار في الهشيم، كلّ يوم تطبيق، وتنتشر على «فيس بوك» إعلاناتٌ لفتياتٍ يدعون الفتيان والفتيات للانضمام إلى تطبيق معين، ويقال: هل تريد كذا وكذا وكذا، فقط «نزّل التطبيق»، وهذا ما حدث للنرويجية «سيسلي فجلهوي»، أنزلت التطبيق منذ عدّة سنوات، و»سيسلي» سيدة في الثلاثينات من عمرها، جميلة، جذّابة، «ناضجة»، ترى أنّ أروعَ ما في الحبّ، أنه بالرغم من أنه يفطر قلبَك عدة مرّات، إلّا أنه يجعلك تُواصل ملاحقتَه، فقط لأنّ أملاً ما زال مُعشْعِشاً في وجدانك ولم يرحل بعد رغم رحيل الحبيب وهي تعرف نفسها عندما يتسلّل الحب إلى قلبها، تتوتّر، كلّما توتّرت أحبّت، ما يعني أنّ في الأمر ما يستحقّ العناء، لكنها في هذه المرّة، توتّرت بشكل غير مسبوق، إنها تلتقي بابن مليونير، والده ملقّب بملك الألماس، ما يعني أنّ فتى حلمِها المرتقب «أمير الماس»، هكذا قالت، طائرات خاصّة، سيّارات فارهة، حفلات شواطىء، وسامة، أناقة، غِنىً فاحش، رجل كثير الأسفار، ماذا تريد إلا أنْ تُجرِّبَ حظَّها، علّها تدخل قلبَه، هل يمكن أن تقاوم، وترفضَ صداقةَ رجل من هذا النوع، أيّ حماقة هذه؟! وضعت أصبعَها على الصورة على شاشة هاتفِها النقّال، وألقتْ بها نحو اليمين، إنها مهتمَّة به، لتُفاجأ بإشارةٍ تؤكّد التوافق»، وهي الكلمة الإنجليزية: «ماتش». أيُّ حظٍّ هذا يا «سيسلي» قالت لنفسها.
طارت «سيسلي» من الفرح، عادت بذاكرتها إلى «بيل» الكرتونية، الفتاة الصغيرة التي قابلت أميراً، أنقذتْه فأنقذها، أحبّتْه فأحبَّها، وتذكرت مقولة «مارلين مونرو» في فيلم «جنتلمان يريفير بلوندرز» عندما قالت له: «هل تعرف أنّ ثراء الرجال، أشبه بجمال النساء». طبعاً فإنّ الرجال العقلاء في العادة لا يبحثون فقط عن المرأة الجميلة، وإنّما على الجميلة التي تحمل مواصفاتٍ جميلةً أخرى، وهكذا المرأة، لا ضيرَ أن يجتمع الغنى مع الدماثة والوسامة وخفّة الظل. من يكره.
لاحقت السيدةُ طموحَها، سألها: هل تُريدين أن نتقابل؟ هل يُعقل أن تقول لا، أرسل لها الموقع عبر «غوغل مابس»، إنه «فور سيزونز هوتيل»، في حيّ «بارك لاين» في لندن. ارتدتْ أحسن ثيابِها، وتوجّهت نحو المكان، جلست في بهو الفندق، أرسلت له عبر واتساب: «لقد وصلت»، وما هي إلّا دقائقُ حتّى انفتح باب المصعد، وخرج فتى الأحلام، ثمَّة أمر مميّز في هذا الرجل القادم نحوها.
الدستور