مَلَل ملعون
يشعر (ناقص هزيمات) بملل كبير ..يجلس مع كل الناس أشكالاً و ألواناً ومع ذلك لا يغادره الملل ..! يشتاق لـ(ملفوف) أمّه ..يذهب إليها و يلهط الملفوف وهو في حالة ملل..يشتاق لحكايات أبيه ..يستمع إليها وهو في قمّة الملل..! يجلس مع اخوانه و أخواته ..يتذكرون الأيام الخوالي ..يضحكون و تنزل دموعهم من الضحك المؤدب وغير المؤدب ومع ذلك وسط هذا يكون الملل متربعاً على تفاصيل المشهد..!
يذهب للشارع ..يراقب الناس المستعجلين وبكشرات نخب أوّل ..كلهم مستعجلون كالعادة ..وأغلبهم فاضي أشغال ..ليس وراءه إلا أحزانه وتساليه المفتعلة ..ومع ذلك ..يشعر (ناقص هزيمات) بملل لا يضاهى ..يحاول أن يفسّر لماذا هذا ..؟ يحاول أن يفهم فقط : لماذا يضحك بلا طعم و يستلذّ بلا لذّة و ويغرق بلا ماء ..؟! من الآخر : ليش الملل؟ كل حياته (آكشن في آكشن) ..تفاصيل يومه مليئة بالموسيقى التصويرية المرعبة ..نقزات ؛ مفاجآت ؛ صدف..وأشياء تخلّي اللي ما يشتري يتفرج ..! لماذا الملل..؟!.
في حالة الملل ..لا بدّ من قلق ..ولا بدّ من خوف ..ولكنّ الملل (يدخلك في الحائط) يجعلك تهرب من قلقك وخوفك ..وناقص هزيمات يفعل ذلك ؛ كي لا يوصله القلق إلى الانفجار و لايوصله الخوف إلى الاستسلام ..والملل أهون الشرور ..فهو يجعلك :مش عارف ليش؟ ومش عارف وين ؟ ومش عارف كيف ..؟ أصلاً الملل حالة تعطيل لخيالك و للحلول و للتفاعل ..وللأسئلة ..؟!
قرّر (ناقص هزيمات) أن يعود للبيت ..على ملل ..ولا يريد أن يجيب على السؤالين الهارب منهما : من ايش قلقان وعلى شو خايف ..؟ فتح له أطفاله الباب ..يلعبون ..يضربون بعضاً ..يضحكون ..يقلبون البيت فواقاني تحتاني ..! نظر إليهم ..لا يدركون ما يجري ..ما زالوا أطفالاً ..ولكنهم غداً سيكبرون و سيفهمون وسيتركون الفوقاني تحتاني و سيتركون كل ألعابهم وستلعب بهم الحياة ..! لحظتها أدرك إجابة السؤالين : قلق عليهم و خائف مما تخبّئه الأيام لهم ..وهو لا يملك حلاًّ للمستقبل سوى أن يواجهه الآن بالمزيد من الملل..!
الدستور