عشان يفرح قتل ابني ..!
..ابني عمره 17 سنة، وحافظ للقرآن، ووعدني بأنه سيهديني هدية في عيد الأم، وقال: شو بتحبي أجيبلك يا ماما، وهيو صار تحت التراب، قتله، عشان بده يفرح قتل ابني .. وأنا مالي دخل، رجعولي ابني.. بدي أفتح القبر وأضم ابني أنا ما إلي دخل.. بدي ابني، وبدي يعدموه اللي قتله، انا بعرف انهم البحث الجنائي قعدوا 3 أيام بفتشوا، وعرفوا اللي قتله.. بدي إبني....!.
وردت هذه العبارات في فيديو نشره عامر السرطاوي، الناطق الرسمي باسم الأمن العام، تتحدث خلاله والدة الشاب المغدور، الذي راح ضحية لعيار ناري طائش، أطلقه من مسدس، مساء الجمعة الموافق 11 آذار الجاري، شخص يسير «بفاردة»..
أخرج يده من فتحة سيارة، وكان يحمل مسدسا فأطلق النار مبتهجا بعرس، ابتهاجا اجراميا منحرفا، تسبب بقتل شاب وبمأساة هبطت على عائلة آمنة، ففجع أما مسكينة، حيث استقرت الرصاصة في جسد طفلها الذي كان يسير آمنا في الشارع وفي مكان بعيد أكثر من 2 كيلو عن الفاردة، ولم تجد بقية الرصاصات أجسادا آمنة، لكنها ربما سقطت على ممتلكاتهم ودمرت منها ما دمرت.
اللهم الرحمة للشاب بل الطفل صهيب، وكل العزاء والمواساة لتلك الأم المفجوعة، ولأهل الفقيد البريء، و»إنا لله وإنا إليه راجعون»..
وما دام المستهترون يطلقون النار «عربدة» أو جنونا أو مرضا وعدم اكتراث بأرواح الناس، فكلنا، وما نملك، أهداف مشروعة لفرحهم الإجرامي..
كل الجرائم يكتشفها رجال الأمن المختصون، سواء أكانت عفوية عارضة بلا تخطيط أو جرائم منظمة ترتكبها عصابات، فكلها مصيرها الكشف وإحضار الجناة للقضاء، وإلحاق العقوبة بهم بقدر ما ارتكبوا من جريمة بحق الأبرياء، فقتلوهم أو دمروا حيواتهم.. وفي الجريمة التي نتحدث عنها هناك أكثر من مجرم، فليس القاتل وحده هو المجرم، بل كل من يطلق النار مجرما، حتى وإن لم يقتل أحدا، فهو مجرم باستهتاره بحيوات الناس وبتبديد أمنهم.
كل الفخر برجال الأمن، فهم تمكنوا من اكتشاف جريمة قتل، تعتبر من أصعب أنواع الجرائم وأكثرها تعقيدا، والتحقيق فيها يحتاج الى وقت ليس بالقصير، وثمة آلاف الإحتمالات الوجيهة التي يفكر بها المحققون، حين يريدون البحث عن مصدر رصاصة طائشة، أطلقها أحدهم في مدينة كبيرة، لكنهم بذلوا الجهد الذي نفاخر به، وضبطوا شخصا وسلاحا خلال 3 أيام من وقوع الجريمة، ولأننا نمتلك في الأردن مختبرات جنائية حديثة ومتطورة ودقيقة النتائج، تمكن الأمن العام من تحديد السلاح والشخص وكافة الأدوات والأدلة على تورط القاتل المبتهج، وسيلقى مصيره القانوني جراء استهتاره بحياة الناس وأمنهم وممتلكاتهم.
هذه جريمة مكررة عشرات، بل ربما مئات أو آلاف المرات، مع اختلاف أنواع أسلحة «الإبتهاج» الحيواني البدائي الإجرامي، وثمة منظومة من التشريعات والإجراءات لمنع حدوث مثل هذه الجرائم، وهي كفيلة بعدم حدوثها لو تم تطبيقها على جميع الناس، لكن هيهات، فما زال هؤلاء يسرقون حيوات الناس بأسلحتهم، ونيران ألعابهم النارية التي تصادر هدوء وليل الناس الأمن وتحرقهم في بيوتهم..
فهل سنترك حياتنا رهنا لأمراض وانحرافات هؤلاء وشذوذ ثقافاتهم؟!.
نعم نتركها، فقد تركناها لهم بعد كل مرة وبعد كل جريمة قذرة ارتكبوها.
الدستور