ما حقيقة الأزمة الدبلوماسية بين أنقرة وواشنطن؟
قامت وزارة الخارجية التركية، اليوم الأحد، باستدعاء السفير الأمريكي، وأبلغته استياءها من بيان أصدرته السفارة أمس السبت، قبيل انطلاق تجمع سياسي للمعارضة التركية في إسطنبول.
الاستدعاء جاء بعد قيام السفارة الأمريكية في أنقرة بدعوة مواطنيها إلى الابتعاد عن أماكن تجمعات سياسية للمعارضة في إسطنبول، بدعوى استخدام الشرطة التركية خراطيم المياه والغازات المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين في حالات سابقة.
الخارجية التركية لم تكتفِ باستدعاء السفير الأمريكي، بل ردت بالمثل بتحذير رعاياها في أمريكا من التعرض للصعق والضرب بالهراوات، في حال كان هناك فعاليات وتجمعات بالقرب من أماكن سكنهم في الولايات المتحدة.
كان بالإمكان تصنيف التوتر الدبلوماسي كسوء فهم وسحابة صيف عابرة بين الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا ناجم عن سوء تقدير موظفي السفارة الأمريكية في أنقرة؛ إلا أن السياق الذي الذي جاء فيه اقترن بالموقف التركي المعارض لانضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو؛ موقف بلغ حداً رفض تركيا السماح للناتو مناقشة الطلب الذي تقدمت فيه فنلندا قبل أيام.
بيان السفارة الأمريكية رسالة أمريكية للحكومة التركية بأن الإدارة الأمريكية قادرة على التصعيد والضغط بإطلاق حملة من التحريض والاستهداف لحكومة حزب العدالة والرئيس أردوغان قبيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية المزمعة في حزيران/يونيو من العام 2023؛ فأمريكا ببيان سفارتها أطلقت أولى محاولاتها للضغط على تركيا لإقناعها القبول بطلب السويد وفنلندا.
اكتسب بيان السفارة الامريكية أهمية خاصة، إذ جاء بعد ساعات قليلة من الاتصال الهاتفي الأول الذي جمع الرئيس التركي أردوغان ونظيره الفنلندي سولي نينيستو ورئيسة وزراء السويد ماغدالينا أندرسون؛ لبحث مسألة انضمام البلدين إلى الناتو؛ اتصالات جاءت بعد أيام من رفض الرئيس التركي استقبال المسؤولان الاسكندنافيان في أنقرة، مؤكداً أنه لا جدوى من الزيارة في حينها.
الاتصالات بهذا المعنى تمثل الخطوة الأولى من عملية التفاوض المباشر بين تركيا وفنلندا والسويد؛ إذ أكد الرئيس التركي طيب رجب اردوغان خلال الاتصالات على التمسك بمطالب بلاده ضرورة نزع الشرعية عن الجماعات الارهابية والانفصالية المرتبطة بحزب العمال الكردستاني في كل من السويد وفنلندا.
الاتصالات بين رؤساء الدول الثلاث رغم أنه مثل خطوة متقدمة وبداية فعلية لإمكانية الحوار والتفاوض حول شروط تركيا للقبول بعضوبة البلدين في الناتو، الأمر الذي أكده الرئيس الفنلندي، إلا أنها خطوة متاخرة وشديدة البطء.
فالاتصالات الأولية بين أنقرة وكل من فنلندا والسويد؛ لم ترضِ الجانب الأمريكي الذي يرغب بتسريع خطوات انضمام البلدين إلى الناتو، خصوصا أن فنلندا بدأت فعلياً بدفع ثمن انحيازها للناتو بقطع إمدادات الكهرباء والغاز الروسي فخطوة الانضمام المتعثرة ستقوي التيار المعارض للانضمام إلى الناتو في السويد وفنلندا واوروبا.
ختاماً.. الزمن بات عاملا حاسما ومهما في المواجهة الدائرة في أروقة الناتو حول انضمام فنلندا والسوبد؛ خصوصا أنها خرجت إلى العلن من أروقة الناتو المغلقة إلى فضاء الدبلوماسية الواسع؛ مواجهة دبلوماسية لا يتوقع أن تضيق هامش المناورة التركي لا أنها سترفع من وتيرة التوتر، وستزيد الجدل في الناتو صخباً والكلف ارتفاعا، ما سيفتح النقاش مجدداً حول جدوى انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو.
السبيل