مسيرة الأعلام ووصفة كيسنجر
مسيرة الأعلام .. اليوم صبر وغدا أمر
إصرار المستوطن نفتالي بينت على مسيرة الأعلام وعلى أن تسلك نفس مسارها في الأعوام الماضية لا يعني أنه بطل صهيوني حتى في نظر المتطرفين ، بقدر ما يعني أنه لا يريد أن يسجل عليه قرار سبق وأطاح بنتنياهو عندما أحبطت الحرب الأخيرة على غزة أحلامه في البقاء بالسلطة .
قد يخاطر بينت لدرجة سقوط الحكومة ولكنه يخشى من مصير معتم في حال غير طريق المسيرة التي ستشق الأحياء الاسلامية في القدس باتجاه حائط البراق ..
ايا كان الأمر ، فإن الساعات القادمة ستحمل الكثير من السخونة في حال لم تفلح الوساطات وخاصة المصرية منها ، مع الأخذ في الإعتبار أن التقسيم الزماني الذي فرضه الصهاينة من خلال السماح للمستوطنين بالصلاة اعتبارا من السابعة والنصف وحتى الحادية عشرة والنصف يوميا بات أمرا محققا مهما أنكر ذلك المنكرون ، شأنه شأن المسيرة ذات الأهداف السياسية التي تريد ان تفرض أمرا واقعا ايضا مع أنه لا يوجد لدى شذاذ الآفاق هؤلاء اي نصوص دينية مزعومة وغير مزعومة تفرض إحياء مثل هكذا صلاة أو هكذا مسيرة .
لننتظر ماذا سيكون عليه الحال ، فاليوم صبر ، وغدا أمر !.
****
وصفة كيسنجر لوقف حرب اوكرانيا
ينظر كثيرون في الغرب لرؤية هنري كيسنجر حيال الحرب في اوكرانيا على أنها الحل المتاح ، قبل أن تستفحل الأزمة ويصبح من الصعب التنبؤ بمآلاتها بعد مضي ثلاثة شهور، عجز فيها بوتين عن احتلال كييف ما اضطره للذهاب جنوبا وشرقا لعله يسجل نصرا ينزله عن الشجرة التي تورط في الصعود عليها حتى لو كانت الأغصان في الأسفل متداخلة ومتشابكة .
ما من شك بأن الروس يتقدمون في هذه المناطق ولكن ليس إلى حين ، فالمعطيات الميدانية تقول ايضا بأن الاوكرانيين يستعيدون بلدات ومساحات كبيرة كانوا قد خسروها في بدايات الحرب واتخذت منها القوات الروسية منطلقا باتجاه الداخل الأوكراني .
وصفة كيسنجر التي أطلقها في مؤتمر دافوس الأخير تقول بأن على الأوكرانيين القبول بالرجوع إلى ما قبل الحرب ، أي ابقاء شبه جزيرة القرم تحت سيطرة بوتين والموافقة على التخلي عن كثير من اراضي دومباس لصالح الروس ، الأمر الذي اثار حفيظة الرئيس الاوكراني ودعاه لمهاجمة كينسجر مذكرا إياه بأن هذه الحرب تجري في العام 2022 وليس في العام 1934 ، وهو تاريخ يشير إلى معاهدة ميونخ الشهيرة بين بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا خلال حكم هتلر ، ومذكرا كيسنجر بأنه هو شخصيا آنذاك – أي كيسنجر - كان عمره 15 عاما أثناء فرار والديه من ألمانيا .
وصفة العودة إلى " الوضع السابق " التي رفضها زيلنسكي حملت في طياتها صعوبة السيطرة على الحرب في حال لم يتم التوصل إلى سلام ، ولكن المفاجأة التي تزامنت تقريبا مع وصفة كيسنجر هو ما سمي بالمبادرة الإيطالية التي تدعو لأن يكون الحوار السلمي متعدد الأطراف وابقاء دونباس والقرم ضمن حوار ثنائي بين موسكو وكييف .
المبادرة الايطالية المذكورة وصفها وزير خارجيتها لويجي دي مايو بـ " الهجوم الدبلوماسي المضاد " وقد بعث نسخا منها للدول السبع الكبار والأمم المتحدة ورئيسها وتقترح وقفا لإطلاق النار وجعل اتفاق السلام متعدد الأطراف ، والإبقاء على مصير دونباس والقرم ضمن اتفاق ثنائيّ بين موسكو وكييف وهو ما رفضه الاوكرانيون الذين ردوا على هذه المبادرة بأن على روسيا الإنسحاب من جميع الأراضي الأوكرانية التي احتلتها بعد الغزو .
وصفة كيسنجر ومبادرة ايطاليا تصب كلها في ذات الإتجاه ، إذ إنه وكما يبدو ، فإن الأوروبيين ، بل والمشرعين الأمريكيين باتوا يضيقون ذرعا بحجم الأموال التي يتم انفاقها على الحرب ، وهو ما تمت ملاحظته خلال المداولات الأخيرة في الكونجرس بشأن الـ 40 مليار دولار الأخيرة ، وكذلك هو حال الأوروبيين الذين يستضيفون حتى الآن خمسة ملايين لاجئ أوكراني هم في طور الزيادة كلما اشتدت الحرب او تعمقت آثارها .
وإذا كانت روسيا المنهكة والمحرجة بفعل سوء أداء جيشها في الحرب بدأت تستخدم قضية التموين العالمي والغاز سلاحا لا يجارى فإنه ما من شك في أنها سجلت نصرا مهما حينما اجبرت الاوروبيين على الدفع بـ " الروبل " وهو ما فضحته الصحافة الامريكية مؤخرا دون تعليق اوروبي حتى الآن ، أي أن كل عنتريات أوروبا تم تهشيمها أمام الحاجة للغاز والضيق بالمهاجرين والحبل على الجرار .
كل هذه التطورات لا تعني ان الروس بدأوا يربحون الحرب، فاثر العقوبات لن يظهر بانعكاساته المتوقعة قبل سنة على ألأقل ، ولكن بيت القصيد هو أن الغرب ، بدأ يتعب ، ويبحث عن حلول ، وليس بعيدا أن يبدأ الضغط على زيلينسكي ليقبل بالتنازل ، ولتكون وصفة كيسنجر مفتاحا للحل ومبادرة روما التي اعلن الروس رفضها أداة أخرى للحوار .
وتظل الحرب بتداعياتها حبلى بالأحداث وربما بالمفاجآت التي ربما لا تخطرعلى بال .
جى بي سي نيوز