حقائق عن الديزل الأردني وغاز " السارين " في الغوطة
أثيرت ضجة في الأردن مؤخرا حول استخدام الديزل السام في المركبات ، وذهبت السيدة فلك الجمعاني رئيسة لجنة الصحة والبيئة النيابية إلى القول : إن الديزل سبب رئيسي لـ " الجلطات " في البلد .
وللعلم ، فإن هذه القضية اثيرت في تموز الماضي ، ولم يلتفت إليها أحد ، سوى أخبار مقتضبة عن اجتماع اللجنة مع مصفاة البترول ومؤسسة المواصفات والمقاييس ، ورئيس قسم القلب في مستشفى البشير ، وكان الإجتماع فاشلا بامتياز ، ذلك أن مؤسسة المواصفات والمقاييس عاجزة تماما عن إلزام المصفاة بمواصفاتها ، وتستطيع المصفاة أن تضرب عرض الحائط بكلام رئيس الحكومة وليس مؤسسة المواصفات فقط ، ذلك أنها المزود الوحيد للمحروقات في البلد ، ولا تملك الحكومة إلا النزول عند شروطها .
إذا كان بعض الأردنيين يموتون بسبب الجلطات الناتجة عن الديزل ، كما تقول رئيسة اللجنة الصحية التي استعانت برئيس قسم القلب في البشير ، وإذا كان الديزل السام لا يزال " يعبق " بأجواء الأردن ويتنفسه الأطفال والنساء والشيوخ ، ولا تستطيع الحكومة أن تفعل شيئا حياله ، فإن الأمر يشي بأننا في أزمة حقيقية لا تتعلق فقط بالصحة العامة ، بل بهيبة الدولة التي باتت على المحك ، ذلك أن الأمثلة كثيرة ومتعددة ، وليس آخرها سرقة سيارتك واتصال سارقها بك ليعطيك عنوانه في انتظار أن " تدفع " مقابل إرجاعها ، بل لقد وصل الأمر حد العجز والقبول بشروط ومواعيد تفرض على الحكومة ووزارة البيئة واللجنة النيابية المعنية بصحة الناس ، ومن ذلك تحديد المصفاة نهاية 2014 موعدا للبدء بتشغيلها المصافي والأجهزة التي تجعل الديزل الأردني خاضعا للمواصفات الصحية العالمية ، وهو موعد حددته المصفاة وليس الحكومة .
وما لا يعرفه كثيرون : أن هذه الأزمة قديمة ، ويعانيها الأردن منذ سنوات ، بل لقد وصل الأمر إلى درجة وضع الشروط على الحكومة ، ، وها هو كتاب يصدر من المصفاة يحمل الرقم : " 1 ع / م / 25 / 29 / 11993 بتاريخ 17 / 4 / 2004 يقول للحكومة حرفيا : " لكي يطابق وقود الديزل المنتج في مصفاة البترول محتوى الكبريت الوارد في القاعدة الفنية الأردنية ، فإن ذلك يتطلب تنفيذ مشروع التوسعة الرابع الخاص بالجودة " .
وكما هو معروف ، فإن هذا المشروع جرى حوله لغط كبير وتشكيل لجان وزارية وغيرها ، والقصة معروفة للرأي العام ، إلا ان صمتا مطبقا لف هذه القضية طوال سنوات ، وإذا بالحكومة تستفيق بقدرة قادر وعلى حين غرة ، وتبعث بكتاب إلى المصفاة بهذا الخصوص بتاريخ 17 - 7 - 2013 ، أي أن الأمر تم السكوت عليه طوال تلك السنوات قبل أن تنكأه السيدة فلك الجمعاني بصفتها رئيسة اللجنة الصحية ، فهل يعقل هذا ؟ .
تتعدد الأسباب ، والموت واحد ، ولو كان لدينا عزيمة لما استمرت هذه المهزلة دقيقة واحدة ، وبإمكان المصفاة استيراد الديزل الخاضع للمواصفة كما تفعل في مشتقات أخرى.
تقول المعلومات : إن كمية الكبريت السام في الديزل الأردني تصل إلى " 10000 - 11000 " - عشرة آلاف أو أحد عشر ألف ملليغرام ، مع أن المسموح به هو 350 ملليغرام بالكيلو غرام الواحد ، وهنا يحق لي وللأردنيين الذين يتنفسون أن نعرف الفرق بين الديزل في عمان ، وغاز السارين في الغوطة ؟؟ .
د.فطين البداد