موجز عن اقتصاد الأردن
مع موعد نشر هذه المقالة ، يكون رئيس الحكومة الدكتور عبد الله النسور صباح الأحد في مواجهة مع النواب ( إذا اكتمل النصاب ) ردا على موجزه الإقتصادي الذي حاول فيه تبرير سياسات الحكومة اقتصاديا وماليا .
فقد كانت السياسة الإقتصادية للحكومة محور جلسة نيابية مهمة عقدت منتصف الأسبوع ، تم خلالها فتح ملفات عدة وإجابة أسئلة كبيرة طرحها بعض النواب ، وتعلقت بالمديونية والفقر والتقشف والإنفاق والنمو والتنمية إلخ .
كان لافتا ، أن الحكومة أنفقت كل ما توفر من تحرير المحروقات وهو مبلغ يصل إلى 800 مليون دينار على البنى التحتية والصحة والتعليم ، ليكون السؤال مشروعا هنا : تحت أي بند في الموازنة تم إنفاق هذه المبالغ ؟ ونتحدث هنا قانونيا .
ويمكن أن يقال أيضا أنه كان بالإمكان إدراج مشاريع البنى التحتية ضمن مشاريع المنحة الخليجية التي لم نحضر لها مشاريع مسبقة ، واضطررنا - ذات موازنة - إلى استبدال بنود مكان أخرى ، كما سبق وأوضحت في مقالة سابقة .
كما وإن اللافت أيضا في ما قاله رئيس الحكومة ردا على أسئلة النواب ، أن الحكومة رفعت تعرفة المياه على الأردنيين بحوالي دينارين و66 قرشا شهريا ، فهل يعلم الأردني لماذا قررت الحكومة عليه هذا المبلغ المقطوع ؟ .
الإجابة قد تكون صادمة بعض الشيء ، حيث إن الحكومة فعلت ذلك لكي تجنب سلطة المياه أي خسائر " مستقبلا " ، أي بمعنى آخر : فإن الحكومة ، ولكي لا تخسر سلطة المياه " مستقبلا " فرضت هذا المبلغ المقطوع " الآن " على المواطن الذي " يحاول " راهنا تدبير أموره المعيشية بشق الأنفس .
ولمزيد من التوضيح : فإن الحكومة كانت تصرخ دائما أن شركة الكهرباء تعاني عجزا بالمليارات ، وأنها رفعت تعرفة الكهرباء على المواطنين تغطية لهذا العجز والمديونية ،أما اليوم ، فكانت المفاجأة ، أن سلطة المياه ، مدينة هي الأخرى بمبلغ مليار ونصف المليار دينار ،ومن أجل ذلك فإنه من " واجب " الحكومة مراعاة أوضاعها هي أيضا ، وكله من جيوب الناس كما ترون ، مع أننا قلنا أن لجان تحقيق كان يجب أن تفتح ملف شركة الكهرباء الوطنية ، ونقول هنا : إنه مطلوب من النواب أن لا يمروا على هذه المعلومة " مديونية سلطة المياه " مرور الكرام ، لأننا نتحدث هنا عن نفس السيناريو : مرة كهرباء ، ومرة ماء ، وربما غدا " هواء " إذ يتم تغطية عجز شركة الكهرباء من جيوب الناس ، وبلا تحقيق أو محاسبة أحد، وهنا يراد للمواطن ان يسدد فواتير ما يصفه البعض بـ"شبهات" سوء إدارة ، تراكمت في مرفق حكومي وراكمت معها مبلغ مليار ونصف المليار ، دون أن يقول لنا أحد : أين تذهب التحصيلات ، وهل يعقل أن يتوقع الخبراء عجزا في سلطة المياه في العام 2016 بمبلغ يصل إلى 350 مليون دينار ، أي إدارة هذه ، وكيف لا تربح السلطة وهي تبيع الماء وتقطع المياه عن كل متخلف ، بعد ما " دوشونا " بمياه الديسي التي لم نعد نسمع عنها شيئا .
وحسنا تفعل الحكومة حين تطبق قانون تنظيم توريد ايرادات الدولة ، والذي بتطبيقه تمكنت من توفير مبلغ 120 مليون دينار كإيرادات إضافية تضاف إلى حساب الخزينة الموحد ، وهذه نقطة لصالح الحكومة ولا غبار عليها .
وإذا كانت المديونية تلامس حاجز الـ 83 % من الناتج المحلي الإجمالي ،فإن الأمر خطير جدا ، لدرجة أنه لولا الدعم الذي يتلقاه الأردن من أصدقائه واشقائه ، فلربما تكون قد حلت الكارثة والإنهيار ، غير أن البلد صمدت والحمد لله بفضل القيادة الحكيمة التي تقود الأردن في أصعب وأدق مراحله الإقتصادية والسياسية ، ولكن هذا لا يعني أن نمد أرجلنا مطمئنين ، لأن دوام الحال من المحال ، فقد ينقلب علينا الصديق الداعم ، أو الشقيق الفاهم ،أو قد يرفض طرف ثالث ممتلئ نعتمد عليه ضمان قروض لصالحنا نظير استحقاقات مختلفة ، دون أن ننسى أننا نعيش في منطقة خطرة ومتقلبة وذات فصول مفاجئة لبلد تبلغ ديونه 23 مليار "دينار" وفق الرقم الذي اعلنه رئيس الحكومة نفسه .
هذا غيض من فيض ، والوضع الإقتصادي صعب ، وقد نجادل الحكومة وتجادلنا أياما وشهورا ، فالمهم ، بل الأهم ، أن كل الأرقام التي يتم إعلانها تعلن من طرف واحد ، بينما لا يملك الأردنيون سوى الأرقام الحكومية فقط لمناقشة موازناتهم ومديونتهم ، ومن أجل ذلك ، فإن الحكومات في الدول النامية دائما هي الخصم وهي الحكم .
حمى الله الأردن .
د. فطين البداد