اعتذار إسرائيل للأردن .. المعنى والغاية
اعتذار إسرائيل للأردن رسميا عن مقتل القاضي رائد زعيتر الذي استشهد يوم الإثنين في العاشر من آذار2014 ، وتقديم تعويضات لأسرته ، وكذلك اعتذارها عن جريمة السفارة في عمان والتي استشهد فيها الأردنيان محمد جواودة والدكتور بشار حمارنة في الثالث والعشرين من يوليو تموز من عام 2017 وتقديم تعويضات لأسرتيهما ، يعتبر رضوخا للشروط الأردنية التي كان الكيان غير مستعد للإستجابة لها البتة ، حيث بدا ذلك جليا من خلال مزاعم انطفاء الكاميرات في جريمة زعيتر ، واستقبال نتنياهو لقاتل السفارة بالأحضان وأمام كاميرات الإعلام ليضطر تحت الضغط الأردني بعد ستة شهور من الجريمة الأولى إلى تقديم الإعتذار الرسمي والإستعداد لدفع التعويضات ، والأهم التحقيق مع مجرم السفارة ومحاكمته وهو شرط أردني كان ولا زال صارما وفي انتظار ترجمته .
ولا يعتقد أحد بأن المياه بين إسرائيل والأردن ستعود إلى مجراها الطبيعي وكأن شيئا لم يكن ، فبالإضافة إلى ما أحدثته هذه الجرائم والطريقة التي تعاملت بها إسرائيل معها ، فإن الملف الفلسطيني الذي هو أولوية أردنية ومصلحة وطنية عليا ، يتعرض لمؤامرة تصفية مصيرية ،ولذلك ، فإنه ليس من الوارد ، وتحت أي ضغط مهما بلغ حجمه ونوعه ، ابتلاع قرار الإعتراف بالقدس عاصمة للكيان ، أو الممارسات الصهيونية والتي تتعمد تجاهل الدور التاريخي للأردن في المدينة المقدسة والوصاية الهاشمية عليها .
إسرائيل تدرك بأن حاجتها للأردن أكبر بكثير من حاجته إليها ، وهي لم تنس ولن تنسى يوما موقعه الجيوسياسي وأهميته الإستراتيجية ، ولقد أدرك صناع القرار الصهاينة بأن من مصلحة هذا الكيان أن يطأطئ رأسه للأردن وقد فعل صاغرا رغم عنجهية نتنياهو وعجرفة القوة التي تختال فيها عصاباته الإجرامية التي تسمى جيشا .
إن على الساسة الأردنيين أن يؤمنوا ببلدهم وشعبهم ، كما فعل الملك في ملف السفارة وزعيتر ، وكما سبق وفعل الراحل الحسين عندما أجبر إسرائيل على الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين في قضية اغتيال مشعل ، فمن هناك جاء الترياق ، ومن هنا جاء الإعتذار ، ولا نامت أعين الجبناء .
د.فطين البداد