النواب : أوسعناه نقدا وفاز بالإبل !
أقر النواب مؤخرا أهم القوانين التي شغلت البلد والرأي العام : الضريبة يوم الأحد 11 تشرين ثاني 2018 ، والموازنة الخميس 3 - 1 - 2019، بينما فات المراقبين قانون لا يقل اهمية وهو قانون الاحوال الشخصية الذي اقر في 11 كانون الأول 2018 .
المفارقة التي لا بد من ذكرها ، أنه وبرغم أن هذه القوانين تعتبر الأهم قياسا باهتمامات الرأي العام إذاما تجردنا من رغبة التصنيف ، إلا أن اقرارها بالصورة التي ظهرت عليها يستدعي التوثيق ، وننوه هنا بأننا لا نتعرض للنواب الاكارم بقدر ما نكتب للتأريخ ، فلعل هذه المقالة التي ستدرج ضمن كتابي القادم أن تكون محطة تأريخية يمكن الرجوع اليها لقراءة حدث ليس إلا ، مع احترامي للجميع .
ولو بدأنا بقانون الضريبة الذي طير الحكومة السابقة وأتى بأختها الحالية ، فإننا نجد سخونة نيابية خلال اليوم الاول من المناقشات ما لبثت أن بردت باستثناء مواقف بعض النواب ليتم في النهاية اقرار القانون بكل أريحية مع شكوك في النصاب ،فيغيب كل ذلكم الوعيد والتهديد ، مع أن نسبة الاعفاءات ظلت كما هي باستثناء بعض " الرتوش " التي لا تغير من الجوهر شيئا ، وها هو رئيس الحكومة الدكتور الرزاز يطير الى الولايات المتحدة الثلاثاء للاجتماع بصندوق النقد الدولي والجهات الدولية الاخرى التي فرضت مثل هذا القانون وبلا جدال .
وإذا وقفنا عند قانون الاحوال الشخصية ، فإننا نستغرب أيضا فقدان النصاب الذي اشتكى منه حتى المهندس عاطف الطراونة ، مع أنه لو نوقشت الاحوال الشخصية في اي برلمان في العالم المتحضر لكان هذا القانون بأهمية قانون الضريبة وبأهمية الموازنة إن لم يكن أكثر ، لكونه يناقش كل أحوال المواطنين الشخصية بما فيها الزواج والطلاق والارث وغيره ، ومن المستنكر فعلا أن يفقد النصاب عند مناقشات هذا القانون فيتم اقراره بكل هذا البرود من قبل أغلبية اعضاء المجلس الا من رحم ربي ، دون أن يوسع بحثا .
أما قانون الموازنة العامة الذي صدع رؤوسنا به عدد لا بأس به من النواب المحترمين في تكرار ما اسموه بلاوي الخصخصة وأين ذهبت اموال الفوسفات والبوتاس وتلك السيمفونية الرتيبة، إلا أن الغريب هو أن من حضر جلسة التصويت على الموازنة هم 105 نواب فقط من اصل 130 ، وهذا مؤشر على طبيعة عمل المجلس ومقدار اهتمام النواب بأهمية القانون الذي صوت عليه60 نائبا .
ولا يفوتني أن أعرج على اسلوب جديد بدأ بعض السادة النواب يتبعونه ضد الحكومة عندما قام نواب بوضع سلال فيها مواد غذائية اساسية على مكتب رئيس الحكومة أو نائبه بدعوى تذكيره بقوت المواطنين ، إذ بدت هذه الأساليب مجرد استعراض يطرح جملة من الأسئلة عن الزمن الذي نصل فيه الى حوارات ومواقف جدية ، ونقاشات مقنعة ، وحضور طاغ لممثلي الشعب الذين أعتقد أن الديمقراطي منهم لن تغضبه هذه الملاحظات بقدر ما سيتخذ منها محطة للتوقف قليلا عله يصل الى قناعة بأن الاردنيين كبروا عن جد ، ولم تعد تعنيهم أو تحركهم مثل هذه الحركات او الاستعراضات مع احترامي وتقديري لمن مارسها بغض النظر عن نيته ، دون أن يعني هذا أن كل نائب ليس حرا في التعبير عن موقفه وبالطريقة التي يراها ، ولكن شتان بين من أوسعوه شتما وبين من فاز بالإبل.
د.فطين البداد