الرقم الحقيقي لديون الاردن
ما قاله وزير تطوير القطاع العام الأسبق عن المديونية يسترعي الانتباه خاصة وأن الارقام التي أوردها ، وهو شخص كان مطلا من الداخل ، تتناقض مع الارقام المعلنة ، حتى في التقارير الحكومية ، والتي لا يفقهها الا المتخصصون في المال والاقتصاد .
كما قلنا ، الرجل كشف بأن المديونية الحقيقية للاردن تصل الى 40 مليار " دينار " وليس دولارا ، وهذا رقم يختلف بالطبع عن رقم وزارة المالية ..
كيف حسبها الوزير ؟
طالما أن الرقم المعلن للمديونية هو 29 مليار دينار ، وهو اجمالي الدين العام وفق الحكومة ، فإن كثيرين لا يعلمون بأن هذا الرقم هو أصل الدين ، أما إذا أضفت اليه الفوائد فسيكون الناتج هو بحدود 40 مليارا من الدنانير وليس الدولارات ..
هي حسبة بسيطة لا تكمن صعوبتها في نتيجتها البديهية أصلا ـ ولكن في الدوران الذي تمارسه بعض التصريحات الرسمية التي طالما تحدثت عن الدين دون ذكر للفوائد ، في سلوك غير مفهوم ، معتقدة بأن إخفاء الأرقام الحقيقية عن الشعب هو أفضل من المصارحة ، وبالفعل ، فإن كثيرين كانوا يأخذون أرقام الوزارة على محمل الجد ، قبل أن يخرج الوزير المعني ويكشف الطابق ويقول لنا بأن الرقم الذي تعلنه الحكومة مخادع وليس كل الحقيقة.
وبهذا ، فإنك لا تعجب حينما تكتشف أن الاردن ينفق ما يصل الى مليار دينار سنويا كفوائد ، بل إن ما كشفه الوزير أشد وأنكى حينما تحدث عن أن اقساط الديون المستحقة يتم تسديدها بديون جديدة عليها هي الأخرى فوائد طبعا ، أي فوائد ديون الديون .
ووفقا لما تم الحديث عنه ، فإننا نكتشف بأن الدين العام كله ، بفوائده طبعا ، لا يتم تقديره نسبة إلى الناتج الاجمالي ، بل يتم تقدير الدين بدون فوائد ، والمعلن عنه كما هو معروف بـ 95 % من هذا الناتج ، أما إذا حسبت الفوائد فإنك ستكون أمام رقم مرعب هو 130 % .
يضاف الى ذلك ما قاله عن أن حجم الديون الداخلية بغرض التمويل للعام الحالي 2019 يبلغ 5 مليار دينار ، أي أن الحكومة استحوذت على أغلب الدين الداخلي ، وهو أمر يخل بميزان الديون جميعها داخليا وخارجيا ، ويضعف الاقتراض من قبل القطاع الخاص ويضعف السيولة ويجمد نشاطات البنوك .
نتمنى أن يتحدث الوزراء السابقون عما يعرفون ،كما فعل هذا الوزير وأن لا تظل الأسرار حبيسة الجلسات المغلقة ، فحق الوصول الى المعلومة من ضمن حقوق المواطنين الذين يسددون المديونية وفوائدها من عرق جبينهم ، ومثل هؤلاء لا يجوز أن يتم تضليلهم وكأن الأمر " شطارة " .. لأن من يقوم بذلك ينسى أنه خدع نفسه أولا ، وثانيا خدع وطنا وشعبا وقد آن الاوان ليعرف الاردنيون كل شيء ، من الفلس إلى المليار ، إلى الـ 40 مليارا هذه التي ابتلينا بها وليس فقط الـ 29 مليارا التي أعلنتها وزارة المالية ، قدس الله سرها .
د.فطين البداد